قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)
لقن الله رسوله الجواب لرد بهتان القائلين إن هذا القرآن إلا إفك ، وإنه أساطير الأولين ، بأنه أنزله الله على رسوله .
وعبر عن منزل القرآن بطريق الموصول لما تقتضيه الصلة من استشهاد الرسول الله على ما في سره لأن الله يعلم كل سر في كل مكان .
فجملة الصلة مستعملة في لازم الفائدة وهو كون المتكلم ، أي الرسول ، عالماً بذلك . وفي ذلك كناية عن مراقبته الله فيما يبلغه عنه . وفي ذلك إيقاظ لهم بأن يتدبروا في هذا الذي زعموه إفكاً أو أساطير الأولين ليظهر لهم اشتماله على الحقائق الناصعة التي لا يحيط بها إلا الله الذي يعلم السر ، فيُوقِنُوا أن القرآن لا يكون إلا من إنزاله ، وليعلموا براءة الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستعانة بمن زعموهم يعينونه .
والتعريف في { السر } تعريف الجنس يستغرق كل سر ، ومنه إسرار الطاعنين في القرآن عن مكابرة وبهتان ، أي يعلم أنهم يقولون في القرآن ما لا يعتقدونه ظلماً وزوراً منهم ، وبهذا يعلم موقع جملة : { إنه كان غفوراً رحيماً } ترغيباً لهم في الإقلاع عن هذه المكابرة وفي اتباع دين الحق ليغفر الله لهم ويرحمهم ، وذلك تعريض بأنهم إن لم يقلعوا ويتوبوا حَق عليهم الغضب والنقمة .