تنوير - Tanweer   سورة  النساء الأية 89


سورة Sura   النساء   An-Nisaa
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) ۞ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (91)
الصفحة Page 92
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)

الأظهر أنّ ضمير «ودوّا» عائد إلى المنافقين في قوله : { فمالكم في المنافقين فئتين } [ النساء : 88 ] . فضح الله هذا الفريق فأعلَم المسلمين بأنّهم مضمرون الكفر ، وأنّهم يحاولون رَدّ من يستطيعون ردّه من المسلمين إلى الكفر .

وعليه فقوله : { فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله } إن حمل على ظاهر المهاجرة لا يناسب إلاّ ما تقدّم في سبب النزول عن مجاهد وابن عباس ، ولا يناسب ما في «الصحيح» عن زيد بن ثابت ، فتعيّن تأويل المهاجرة بالجهاد في سبيل الله ، فالله نهى المسلمين عن ولايتهم إلى أن يخرجوا في سبيل الله في غزوة تقع بعد نزول الآية لأنّ غزوة أُحد ، التي انخزل عنها عبد الله بن أبَيّ وأصحابه ، قد مضت قبل نزول هذه السورة .

وما أبلغ التعبيرَ في جانب محاولة المؤمنين بالإرادة في قوله : { أتريدون أن تهدوا من أضلّ الله } [ النساء : 88 ] ، وفي جانب محاولة المنافقين بالودّ ، لأنّ الإرادة ينشأ عنها الفعل ، فالمؤمنون يستقربون حصول الإيمان من المنافقين ، لأنّ الإيمان قريب من فطرة الناس ، والمنافقون يعلمون أنّ المؤمنين لا يرتدّون عن دينهم ، ويرون منهم محبّتهم إيّاه ، فلم يكن طلبهم تكفيرَ المؤمنين إلاّ تمنيّا ، فعبّر عنه بالودّ المجرّد .

وجملة { فتكونون سواء } تفيد تأكيد مضمون قوله : { بما كفروا } قصد منها تحذير المسلمين من الوقوع في حِبالة المنافقين .

وقوله : { فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا في سبيل الله } أقام الله للمسلمين به علامة على كفر المتظاهرين بالإسلام ، حتّى لا يعود بينهم الاختلاف في شأنهم ، وهي علامة بيّنة ، فلم يبق من النفاق شيء مستور إلاّ نفاق منافّقي المدينة . والمهاجرة في سبيل الله هي الخروج من مكة إلى المدينة بقصد مفارقة أهل مكة ، ولذلك قال : { في سبيل الله } أي لأجل الوصول إلى الله ، أي إلى دينه الذي أراده .

وقوله : { فإن تولّوا } أي أعرضوا عن المهاجرة . وهذا إنذار لهم قبل مؤاخذتهم ، إذ المعنى : فأبلغوهم هذا الحكم فإن أعرضوا عنه ولم يتقبّلوه فخذوهم واقتلوهم ، وهذا يدلّ على أنّ من صدر منه شيء يحتمل الكفر لا يؤاخذ به حتّى يُتَقَدّم له ، ويعرّف بما صدر منه ، ويُعذَر إليه ، فإن التزمه يؤاخذ به ، ثمُّ يستتاب . وهو الذي أفتى به سحنون .

والولّي : الموالي الذي يضع عنده مولاه سِرّه ومَشورته . والنصير الذي يدافع عن وليّه ويعينه .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022