فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) دلت الفاء على أن ما بعدها مفرع عما قبلها : فإمّا أن يكون تفريعاً على آخِر ما تقدم وهو قوله : { وقَالَ الذينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لهذا القُرآن } [ فصلت : 26 ] الآية ، وإمّا أن يكون مفرعاً على جميع ما تقدم ابتداء من قوله : { وقالوا قلوبنا في أكِنَّة مما تَدْعُونا إليه } [ فصلت : 5 ] الآية وقوله : { فَإِنْ أَعْرضُوا } [ فصلت : 13 ] الآية وقوله : { ويَوْمَ نَحْشر أعداء الله إلى النَّار } [ فصلت : 19 ] الآية وقوله : { وَقَيَّضْنَا لهم قُرَنَاءَ } [ فصلت : 25 ] الآية وقوله : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا } [ فصلت : 26 ] الخ . وعلى كلا الوجهين يتعين أن يكون المراد ب { الَّذِينَ كَفَرُوا } هنا : المشركين الذين الكلام عنهم .
ف { الَّذِينَ كَفَرُوا } إظهار في مقام الإِضمار لقصد ما في الموصول من الإِيماء إلى علة إذاقة العذاب ، أي لكفرهم المحكي بعضه فيما تقدم . وإذاقة العذاب : تعذيبُهم ، استعير له الإِذاقة على طريق المكنية والتخييلة . والعذاب الشديد عن ابن عباس : أنه عذاب يوم بدر فهو عذاب الدنيا .
وعطف { ولنَجْزِيَنَّهُم أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ } عن ابن عباس : لنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون في الآخرة . و { أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ } منصوب على نزع الخافض . والتقدير : على أسوأ ما كانوا يعملون ، ولك أن تجعله منصوباً على النيابة عن المفعول المطلق تقديره : جزاء مماثلاً أسوأَ الذي كانوا يعملون .
وأسوأ : اسم تفضيل مسلوب المفاضلة ، وإنما أريد به السّيىء ، فصيغ بصيغة التفضيل للمبالغة في سوئه . وإضافتُه إلى { الذي كانُوا يعمَلُونَ } من إضافة البعض إلى الكل وليس من إضافة اسم التفضيل إلى المفضل عليه .