إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)
استئناف بياني نشأ عن الوعيد الذي تُوُعّد به المشركون بعد أن أُمروا بالاستقامة إلى الله واستغفارِه عما فرط منهم ، كأنَّ سائلاً يقول : فإن اتعظوا وارتدعوا فماذا يكون جزاؤهم ، فأفيد ذلك وهو أنهم حينئذٍ يكونون من زمرة { الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } ، وفي هذا تنويه بشأن المؤمنين .
وتقديم { لهم } للاهتمام بهم .
والأجر : الجزاء النافع ، عن العمل الصالح ، أو هو ما يُعطُوْنه من نعيم الجنة .
والممنون : مفعول من المَنّ ، وهو ذِكر النعمة للمنعَم عليه بها ، والتقدير غير ممنون به عليهم ، وذلك كناية عن كونهم أُعطُوه شكراً لهم على ما أسلفوه من عمل صالح فإن الله غفور شكور ، يعني : أن الإِنعام عليهم في الجنة ترافقه الكرامة والثناء فلا يُحسون بخجل العطاء ، وهو من قبيل قوله : { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } [ البقرة : 264 ] ، فأجرهم بمنزلة الشيء المملوك لهم الذي لم يعطه إياهم أحد وذلك تفضل من الله ، وقريب منه قول لبيد
: ... غُضْفٌ كواسبُ لا يُمَنُّ طعامها
أي تأخذ طعامها بأنفسها فلا منّة لأحد عليها .