وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46(
قرأ الجمهور { وقوم } بالنصب بتقدير ( اذكر ( ، أو بفعل محذوف يدلّ عليه ما ذكر من القصص قبله ، تقديره : وأهلكنا قوم نوح ، وهذا من عطف الجُمل وليس من عطف المفردات .
وقرأه أبُو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلَف بالجر عطفاً على { ثمود } [ الذاريات : 43 ] على تقدير : وفي قوم نوح .
ومعنى { من قبل } أنهم أهلكوا قبل أولئك فهم أول الأمم المكذبين رسولهم أهلكوا .
وجملة { إنهم كانوا قوماً فاسقين } تعليل لما تضمّنه قوله : { وقوم نوح من قبل } . وتقدير كونهم آية للذين يخافون العذاب : من كونهم عوقبوا وأن عقابهم لأنهم كانوا قوماً فاسقين .
وأخر الكلام على قوم نوح لما عرض من تجاذب المناسبات فيما أورد من آيات العذاب للأمم المذكورة آنفاً بما علمته سابقاً . ولذلك كان قوله : { من قبل } تنبيهاً على وجه مخالفة عادة القرآن في ترتيب حكاية أحوال الأمم على حسب ترتيبهم في الوجود . وقد أومأَ قوله : { من قبل } إلى هذا ومثله قوله تعالى : { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمودا فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى } [ النجم : 50 52 ] .