عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5(وضمير الغائب في { علمه } عائد إلى الوحي ، أو إلى ما عاد إليه ضمير { هو } من قوله : { إن هو إلا وحي } . وضمير { هو } يعود إلى القرآن ، وهو ضمير في محلّ أحد مفعولي ( علّم ( وهو المفعول الأول ، والمفعول الثاني محذوف ، والتقدير : علمه إياه ، يعود إلى { صاحبكم } [ النجم : 2 ] ويجوز جعل هاء { علمه } عائداً إلى { صاحبكم } والمحذوف عائد إلى { وحى } إبطالاً لقول المشركين { إنما يعلمه بشر } [ النحل : 103 ] .
و ( علّم ( هنا مُتعدَ إلى مفعولين لأنه مضاعف ( عَلم ( المتعدي إلى مفعول واحد .
و { شديد القوى } : صفة لمحذوف يدل عليه ما يذكر بعد مما هو من شؤون الملائكة ، أي مَلَك شديد القوى .
واتفق المفسرون على أن المراد به جبريل عليه السلام .
والمراد ب { القوى } استطاعة تنفيذ ما يأمر الله به من الأعمال العظيمة العقلية والجسمانية ، فهو الملَك الذي ينزل على الرُّسل بالتبليغ .
والمِرَّة ، بكسر الميم وتشديد الراء المفتوحة ، تطلق على قوة الذات وتطلق على متانة العقل وأصالته ، وهو المراد هنا لأنه قد تقدم قبله وصفه بشديد القوى ، وتخصيص جبريل بهذا الوصف يشعر بأنه الملك الذي ينزل بفيوضات الحكمة على الرسل والأنبياء ، ولذلك لما ناول الملَك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإِسراء كأس لَبن وكأسَ خمر ، فاختار اللبن قَال له جبريل : اخترتَ الفِطرة ولو أخذتَ الخمر غَوت أمتك .