قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) وقد تلقى كل واحد منهم لوم غيره عليه بإحقاق نفسه بالملامة وإشراك بقيتهم فيها فقال كل واحد منهم : { يا ويلنا إنّا كنّا طاغين } إلى آخره ، فأسند هذا القول إلى جميعهم لذلك .
فجملة { قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين } إلى آخرها يجوز أن تكون مبينة لجملة { يتلاومون ، } أي يلوم بعضهم بعضاً بهذا الكلام فتكون خبراً مستعملاً في التقريع على طريقة التعريض بغيره والإِقرار على نفسه ، مع التحسر والتندم بما أفاده { يا ويلنا . } وذلك كلام جامع للملامة كلها ولَم تعطف الجملة لأنها مبينة .
ويجوز أن تكون جوابَ بعضهم بعضاً عن لومه غيره ، فكما أجمعوا على لوم بعضهم بعضاً كذلك أجمعوا على إجابة بعضهم بعضاً عن ذلك الملام فقال كل مَلُوم للائِمِه { يا ويلنا إنا كنّا طاغين } الخ جواباً بتقرير ملامه والاعتراف بالذنب ورجاء العفو من الله وتعويضِهم عن جنتهم خيراً منها إذا قبل توبتهم وجعل لهم ثواب الدنيا مع ثواب الآخرة ، فيكون ترك العطف لأن فعل القول جرى في طريقة المحاورة .
والإِقبال : حقيقته المجيء إلى الغير من جهة وجهه وهو مشتق من القُبُل وهو ما يبدو من الإِنسان من جهة وجهه ضد الإِدبار ، وهو هنا تمثيل لحال العناية باللَّوم .
واللوم : إنكار متوسط على فعل أو قوللٍ وهو دون التوبيخ وفوق العتاب ، وتقدم عند قوله تعالى :
{ فإنهم غير مَلومين } في سورة المؤمنين ( 6 ) .
والطغيان : تجاوز الحدّ المتعارف في الكِبْر والتعاظم والمعنى : إنا كنا طاغين على حدود الله .