وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)
و { كذبوا } عطف على { لا يرجون } ، أي وإنهم كذبوا بآياتنا ، أي بآيات القرآن .
والمعنى : كذبوا ما اشتملت عليه الآيات من إثبات الوحدانية ، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم
ولكون تكذيبهم بذلك قد استقر في نفوسهم ولم يترددوا فيه جيء في جانبه بالفعل الماضي لأنهم قالوا : { قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب } [ فصلت : 5 ] .
وكِذَّاب : بكسر الكاف وتشديد الذال مصدر كذَّب . والفِعَّال بكسر أوله وتشديد عينه مصدر فعَّل مثل التفعيل ، ونظائره : القِصَّار مصدر قَصَّر ، والقِضَّاء مصدر قَضَّى ، والخِرَّاق مصدر خَرَّق المضاعف ، والفِسَّار مصدر فَسَّر .
وعن الفراء أن أصل هذا المصدر من اللغة اليمنية ، يريد : وتكلم به العرب ، فقد أنشدوا لبعض بني كلاب
: ... لقد طال ما ثبّطَتني عن صحابتي
وعن حِوجَ قِضَّاؤُها مِن شفائيا ... وأُوثر هذا المصدر هنا دون تكذيب لمراعاة التماثل في فَواصل هذه السورة ، فإنها على نحو ألف التأسيس في القوافي ، والفواصل كالأسجاع ويحسن في الأسجاع ما يحسن في القوافي .
وفي «الكشاف» : وفِعَّالُ فَعَّل كلِّه فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره .
وانتصب { كذاباً } على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله لإِفادة شدة تكذيبهم بالآيات .