تنوير - Tanweer   سورة  الليل الأية 7


سورة Sura   الليل   Al-Lail
الشمس Ash-Shams
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)
الليل Al-Lail
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ (13) فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ (14)
الصفحة Page 595
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) والتيسير : جعل شيء يسيرَ الحصول ، ومفعول فعل التيسير هو الشيء الذي يجعل يسيراً ، أي غير شديد ، والمجرور باللام بعده هو الذي يسهَّل الشيءُ الصعب لأجله وهو الذي ينتفع بسهولة الأمر ، كما في قوله تعالى : { ويسر لي أمري } [ طه : 26 ] وقوله : { ولقد يسرنا القرآن للذكر } [ القمر : 17 ] .

واليسرى في قوله : { لليسرى } هي ما لا مشقة فيه ، وتأنيثها : إما بتأويل الحالة ، أي الحالة التي لا تشق عليه في الآخرة ، وهي حالة النعيم ، أو على تأويلها بالمكانة . وقد فسرت اليسرى بالجنة عن زيد بن أسلم ومجاهد . ويحتمل اللفظ معاني كثيرة تندرج في معاني النافع الذي لا يشق على صاحبه ، أي الملائم .

والعسرى : إما الحالة وهي حالة العسر والشدة ، أي العذاب ، وإما مكانته وهي جهنّم ، لأنها مكان العسر والشدائد على أهلها قال تعالى : { فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير } [ المدثر : 9 ، 10 ] ، فمعنى : «نيسره» ندرّجُهُ في عملي السعادة والشقاوة وبه فسر ابن عطية ، فالأعمال اليسرى هي الصالحة ، وصفت باليسرى باعتبار عاقبتها لصاحبها ، وتكون العسرى الأعمال السيئة باعتبار عاقبتها على صاحبها فتأنيثهما باعتبار أن كلتيهما صفة طائفة من الأعمال .

وحرف التنفيس على هذا التفسير يكون مراداً منه الاستمرار من الآن إلى آخر الحياة كقوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي } [ يوسف : 98 ] .

وحرف ( ال ) في «اليسرى» وفي «العسرى» لتعريف الجنس أو للعهد على اختلاف المعاني .

وإذ قد جاء ترتيب النظم في هذه الآية على عكس المتبادر إذ جُعل ضمير الغيبة في «نيسره لليسرى» العائدُ إلى { من أعطى واتقى } هو الميسرَ ، وجعل ضمير الغيبة في «نيسره للعسرى» العائدُ إلى { من بخل واستغنى } هو الميسرَ ، أي الذي صار الفعل صعبُ الحصول حاصلاً له ، وإذ وقع المجروران باللام «اليسرى» و «العسرى» ، وهما لا ينتفعان بسهولة من أعلى أو من بَخل ، تعين تأويل نظم الآية بإحدى طريقتين :

الأولى : إيفاء فعل «نيسر» على حقيقته وجَعْلُ الكلام جارياً على خلاف مقتضى الظاهر بطريق القلب بأن يكون أصل الكلام : فسنيسر اليسرى له وسنيسر العسرى له ولا بد من مقتض للقلب ، فيصار إلى أن المتقضي إفادة المبالغة في هذا التيسير حتى جعل الميسَّر ميسراً له والميسر له ميسراً على نحو ما وجهوا به قول العرب : عرضت الناقة على الحوض .

والثانية : أن يكون التيسير مستعملاً مجازاً مرسلاً في التهيئة والإعداد بعلاقة اللزوم بين إعداد الشيء للشيء وتيسره له ، وتكون اللام من قوله : { لليسرى } و { للعسرى } لام التعليل ، أي نيسره لأجل اليسرى أو لأجل العسرى ، فالمراد باليسرى الجنة وبالعُسرى جهنم ، على أن يكون الوصفان صارا علماً بالغلبة على الجنة وعلى النار ، والتهيئةُ لا تكون لذات الجنة وذاتتِ النار فتعين تقدير مضاف بعد اللام يناسب التيسير فيقدر لدخُول اليسرى ولدخول العسرى ، أي سنعجّل به ذلك .

والمعنى : سنَجْعل دخول هذه الجنةَ سريعاً ودخولَ الآخِر النارَ سريعاً ، بشبه الميسَّر من صعوبة لأن شأن الصعب الإِبطاءُ وشأن السهل السرعةُ ، ومنه قوله تعالى : { ذلك حشر علينا يسير } [ ق : 44 ] ، أي سريع عاجل . ويكون على هذا الوجه قوله : { فسنيسره للعسرى } مشاكلةٌ بُنِيت على استعارة تهكمية قرينتها قولُه : «العسرى» . والذي يدعو إلى هذا أن فعل «نيسر» نصبَ ضمير { من أعطى واتقى وصدَّق } ، وضمير { من بَخل واستغنى وكذَّب ، فهو تيسيرٌ ناشىء عن حصول الأعمال التي يجمعها معنى اتَّقى } أو معنى { استغنى } ، فالأعمال سابقة لا محالة . والتيسير مستقبل بعد حصولها فهو تيسير ما زاد على حصولها ، أي تيسير الدوام عليها والاستزادة منها .

ويجوز أن يكون معنى الآية : أن يُجعل التيسير على حقيقتِهِ ويجعل اليسرى وصفاً أي الحالة اليسرى ، والعسرى أي الحالة غير اليسرى .

وليس في التركيب قلب ، والتيسير بمعنى الدوام على العمل ، ففي «صحيح البخاري» عن علي قال : " كنا مع رسول الله في بقيع الغَرقد في جنازة فقال : ما منكم من أحد إلا وقد كُتب مَقْعَده من الجنة ومَقْعَدَه من النار ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكِلُ؟ فقال : اعملوا فكل ميسَّر لما خلق له . أما أهل السعادة فَيُيَسَّرُونَ لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاء فييسرون لعمل أهل الشقاء ، ثم قرأ : { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022