تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  آل عمران الأية 198


سورة Sura   آل عمران   Aal-Imran
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
الصفحة Page 76
لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ (198)

القول في تأويل قوله : لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198)

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (23) " لكن الذين اتقوا ربهم "، لكن الذين اتقوا الله بطاعته واتّباع مرضاته، في العمل بما أمرهم به، واجتناب ما نهاهم عنه=" لهم جنات " يعني: بساتين، (24) =" تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها "، يقول: باقين فيها أبدًا. (25) =" نـزلا من عند الله "، يعني: إنـزالا من الله إياهم فيها، أنـزلوها.

ونصب " نـزلا " على التفسير من قوله: " لهم جنات تجري من تحتها الأنهار "، كما يقال: " لك عند الله جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابًا "، وكما يقال: " هو لك صدقة ": و " هو لك هبة ". (26)

* * *

= وقوله: " من عند الله " يعني: من قبل الله، (27) ومن كرامة الله إياهم، وعطاياه لهم.

* * *

وقوله: " وما عند الله خير للأبرار "، يقول: وما عند الله من الحياة والكرامة، وحسن المآب، " خير للأبرار "، مما يتقلب فيه الذين كفروا، فإن الذي يتقلبون فيه زائل فانٍ، وهو قليلٌ من المتاع خسيس، وما عند الله من كرامته للأبرار - (28) وهم أهل طاعته (29) باقٍ، غيرُ فانٍ ولا زائل.

* * *

8373 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد يقول في قوله: " وما عند الله خير للأبرار "، قال: لمن يطيع الله.

8374 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، عن عبد الله قال: ما من نَفْس بَرَّة ولا فاجرة إلا والموتُ خير لها. ثم قرأ عبد الله: " وما عند الله خير للأبرار "، وقرأ هذه الآية: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ . (30) [سورة آل عمران: 178]

8375 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن فرج بن فضالة، عن لقمان، عن أبي الدرداء أنه كان يقول: ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول: " وما عند الله خير للأبرار "، ويقول: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا . (31)

-----------------------

الهوامش :

(23) في المطبوعة والمخطوطة: "يعني بذلك جل ثناؤه" ، والسياق يقتضي ما أثبت.

(24) انظر تفسير"الجنة" فيما سلف 1: 384 / 5: 535 ، 542 / 6: 261 ، 262 / 7: 227.

(25) انظر تفسير"الخلود" فيما سلف 6: 261: 262 تعليق: 1 ، والمراجع هناك ، وفهارس اللغة.

(26) "التفسير" ، عند الكوفيين ، هو التمييز عند البصريين ، وانظر ما سلف 2: 338 ، تعليق: 1 / 3: 90 ، تعليق: 2 / 5: 91 ، تعليق: 4 وانظر معاني القرآن للفراء 1: 251.

(27) انظر تفسير"عند" فيما سلف قريبًا ص: 490 ، تعليق 6 ، والمراجع هناك.

(28) في المطبوعة: "وما عند الله خير من كرامته للأبرار" ، وهو فاسد المعنى ، وكان مثله في المخطوطة ، إلا أنه ضرب على"خير" بإشارة الحذف ، ولكن الناشر لم يدرك معنى الإشارة فأبقاها. فأفسدت الكلام.

(29) انظر تفسير"الأبرار" فيما سلف قريبًا ص: 482 ، تعليق: 6 ، والمراجع هناك.

(30) الحديث: 8374 - مضى برقم: 8267 ، عن محمد بن بشار ، عن عبد الرحمن -وهو ابن مهدي- عن سفيان.

ورواه ابن أبي حاتم ، من طريق أبي معاوية ، عن الأعمش كما نقله ابن كثير عنه 2: 328.

(31) الحديث-: 8375 - فرج بن فضالة: ضعيف ، كما بينا في: 1688.

لقمان: هو ابن عامر الوصابي الحمصي. وهو ثقة ، ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 4 / 1 / 251 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 182- 183. ولم يذكرا فيه جرحا.

و"الوصابي": بفتح الواو وتشديد الصاد المهملة ، كما ضبطه ابن الأثير في اللباب ، والذهبي في المشتبه ، ووهم الحافظ ابن حجر ، فضبطه في التقريب بتخفيفها.

والحديث ذكره ابن كثير 2: 328 - 329 ، عن هذا الموضع من الطبري. ووقع في طبعته"نوح ابن فضالة" بدل"فرج بن فضالة" ، وهو خطأ مطبعي سخيف.

وذكره السيوطي 2: 104 ، عند الآية السابقة: 178 ، ونسبه أيضًا لسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022