القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الذين يستبدلون - بتركهم عهد الله الذي عهد إليهم، ووصيته التي أوصاهم بها في الكتب التي أنـزلها الله إلى أنبيائه، باتباع محمد وتصديقه والإقرار به وما جاء به من عند الله - وبأيمانهم الكاذبة التي يستحلون بها ما حرّم الله عليهم من أموال الناس التي ائتمنوا عليها (44) =" ثمنًا "، يعني عوضًا وبدلا خسيسًا من عرض الدنيا وحُطامها (45) =" أولئك لا خلاق لهم في الآخرة "، يقول: فإن الذين يفعلون ذلك لا حظ لهم في خيرات الآخرة، ولا نصيب لهم من نعيم الجنة وما أعدّ الله لأهلها فيها دون غيرهم. (46)
* * *
وقد بينا اختلاف أهل التأويل فيما مضى في معنى " الخلاق "، ودللنا على &; 6-528 &; أولى أقوالهم في ذلك بالصواب، بما فيه الكفاية. (47)
* * *
وأما قوله: " ولا يكلمهم الله "، فإنه يعني: ولا يكلمهم الله بما يسرُّهم =" ولا ينظر إليهم "، يقول: ولا يعطف عليهم بخير، مقتًا من الله لهم، كقول القائل لآخر: " انظُر إليّ نَظر الله إليك "، بمعنى: تعطف عليّ تعطّف الله عليك بخير ورحمة = وكما يقال للرجل: " لا سمع الله لك دعاءَك "، يراد: لا استجاب الله لك، والله لا يخفى عليه خافية، وكما قال الشاعر: (48)
دَعَــوْتُ اللــهَ حَـتى خِـفْتُ أَنْ لا
يَكْــونَ اللــهُ يَسْــمَعُ مَـا أَقُـولُ (49)
* * *
وقوله " ولا يُزكيهم "، يعني: ولا يطهرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم =" ولهم عذاب أليم "، يعني: ولهم عذابٌ موجع. (50)
* * *
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أنـزلت هذه الآية، ومن عني بها.
فقال بعضهم نـزلت في أحبار من أحبار اليهود.
ذكر من قال ذلك:
7278 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قال: نـزلت هذه الآية: " إن الذين يشترون بعهد الله &; 6-529 &; وأيمانهم ثمنًا قليلا "، في أبي رافع، وكنانة بن أبي الحقيق، وكعب بن الأشرف، وحُييّ بن أخطب.
* * *
وقال آخرون: بل نـزلت في الأشعث بن قيس وخصم له.
ذكر من قال ذلك:
7279 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حَلف على يمين هو فيها فاجرٌ ليقتطع بها مالَ امرئ مسلم، لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان = فقال الأشعث بن قيس: فيّ والله كان ذلك: كان بيني وبين رجل من اليهود أرضٌ فجحدني، فقدّمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك بيِّنة؟ قلت: لا! فقال لليهودي: " احلفْ. قلت: يا رسول الله، إذًا يحلف فيذهبَ مالي! فأنـزل الله عز وجل: " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. (51)
7280 - حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جرير بن حازم، عن عدي بن عدي، عن رجاء بن حيوة والعُرس أنهما حدثاه، عن أبيه عدي بن عميرة قال: كان بين امرئ القيس ورجل من حضرموت خصومةٌ، فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للحضرمي: " بيِّنَتَك، وإلا فيمينه ". قال: يا رسول الله، إن حلف ذهب بأرضي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها حقّ أخيه ، لقي الله وهو عليه غضبان. فقال امرؤ القيس: يا رسول الله، فما لمن تركها، وهو يعلم أنها حقّ؟ قال: الجنة. قال: فإني أشهدك أني قد تركتها = قال جرير: فكنت مع أيوب السختياني حين سمعنا هذا الحديث من عدي، فقال أيوب: إنّ عديًّا قال في حديث العُرْس بن عميرة: فنـزلت هذه الآية: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " إلى آخر الآية = قال جرير: ولم أحفظ يومئذ من عدي. (52)
7281 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال آخرون: إن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض كانت في يده لذلك الرجل، أخذها لتعزُّزه في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقم بينتك. قال الرجل: ليس يشهد لي أحدٌ على الأشعث! قال: فلك يمينه. فقام الأشعث ليحلف، فأنـزل الله عز وجل هذه الآية، فنكلَ الأشعَث وقال: إني أشهد الله وأشهدكم أنّ خصمي صادق. فرد إليه أرضَه، وزاده من أرض نفسه زيادةً كثيرةً، مخافة أن يبقى في يده شيء من حقه، فهي لعقب ذلك الرجل بعده. (53)
7282 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن شقيق، عن عبد الله قال: من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان، ثم أنـزل الله تصديق ذلك: " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. ثم إن الأشعث بن قيس خَرَج إلينا فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فحدثناه بما قال، فقال: صَدَق، لفيَّ أنـزلت! كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " شاهداك أو يمينه. فقلت: إذًا يحلف ولا يُبالي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين يستحقّ بها مالا هو فيها فاجرٌ، لقي الله وهو عليه غضبان "، ثم أنـزل الله عز وجل تصديقَ ذلك: " إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا "، الآية. (54)
* * *
وقال آخرون بما:-
7283 - حدثنا به محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال، أخبرني داود بن أبي هند، عن عامر: أنّ رجلا أقام سِلعته أوّل النهار، فلما كان آخرُه جاء رجل يساومه، فحلفَ لقد منعها أوّل النهار من كذا وكذا، ولولا المساء ما باعها به، فأنـزل الله عز وجل: " إن الذي يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " .
7284 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن رجل، عن مجاهد نحوه.
7285 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا) الآية، إلى: " ولهم عذاب أليم "، أنـزلهم الله بمنـزلة السَّحَرة.
7286 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن عمران بن حصين كان يقول: من حَلفَ على يمين فاجرة يقتطع بها مالَ أخيه، فليتبوَّأ مقعده من النار. فقال له قائل: شيءٌ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لهم: إنكم لتجدون ذلك. ثم قرأ هذه الآية: " إنّ الذين يشترُون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا " الآية. (55)
7287 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام قال، قال محمد، عن عمران بن حصين: من حلف على يمين مَصْبورَة فليتبوّأ بوجهه مقعده من النار. ثم قرأ هذه الآية كلها: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ". (56)
7288 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن اليمين الفاجرة من الكبائر. ثم تلا " إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ".
7289 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، أن عبد الله بن مسعود كان يقول: كنا نَرى ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ من الذنب الذي لا يُغفر: يمين الصَّبر، إذا فجر فيها صاحبها. (57)
* * *
------------------------
الهوامش :
(44) سياق الجملة: "إن الذين يستبدلون بتركهم عهد الله... وبأيمانهم الكاذبة... ثمنًا...
(45) انظر تفسير"اشترى" فيما سلف 1: 311-315 ، 565 / 2: 316 ، 317 ثم 341 ، 342 ، ثم 452 / 3: 328.
وانظر تفسير"ثمنًا قليلا" فيما سلف 2: 565 / 3: 328.
(46) في المخطوطة والمطبوعة: "دون غيرها" ، والسياق يقتضي ما أثبت.
(47) انظر ما سلف 2: 452-454 / 4: 201-203.
(48) هو شمير بن الحارث الضبي ، ويقال"سمير" بالمهملة ، مصغرًا- وهو جاهلي.
(49) نوادر أبي زيد: 124 ، والخزانة 2: 363 ، واللسان (سمع) ، وبعده:
لِيَحْــمِلَني عَــلَى فَــرَسٍ, فَـإِنِّي
ضَعِيــفُ المَشْـيِ, لِلأَدْنَـى حَـمُولُ
و"يسمع ما أقول" ، يستجيب ، كقولنا: "سمع الله لمن حمده".
(50) انظر تفسير"التزكية" فيما سلف 1: 573 ، 574 / 3: 88 / 5: 29 = و"أليم" 1: 283 / 2 : 140 ، 377 ، 469 ، 540 / 3: 330 ، وغيرها ، فاطلبه في فهارس اللغة.
(51) الحديث: 7279- أبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي.
وهذا الحديث في الحقيقة حديثان: أوله من حديث عبد الله بن مسعود ، وآخره في سبب نزول الآية من حديث الأشعث بن قيس.
والأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي ، صحابي معروف.
والحديث رواه أحمد: 3597 ، 4049 ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، بهذا الإسناد.
ثم رواه بالإسناد نفسه ، في مسند"الأشعث بن قيس" ، ج 5 ص 211 (حلبي).
وكذلك رواه البخاري 5: 53 ، 206 (فتح الباري) ، من طريق أبي معاوية.
ورواه مسلم 1: 49-50 ، من طريق أبي معاوية ووكيع - كلاهما عن الأعمش.
ورواه أحمد مختصرًا ، عن ابن مسعود وحده ، من أوجه أخر: 3576 ، 3946 ، 4212.
ورواه أيضًا ، مختصرًا ومطولا ، في مسند الأشعث بن قيس ، من ثلاثة أوجه أخر ، ج 5 ص 211-212 (حلبي).
وكذلك رواه البخاري من أوجه ، مختصرًا ومطولا ، في مواضع غير الموضعين السابقين 5: 25 ، 207 ، 211 ، و 11: 473 ، 485-490 (وهنا شرحه الحافظ شرحًا وافيًا) ، و 13: 156 ، 364.
ورواه مسلم من وجهين أيضًا 1: 50.
وذكره ابن كثير 2: 172: 173 ، من رواية المسند عن أبي معاوية ، ثم ذكره من روايته الأخيرة في مسند الأشعث بن قيس.
وذكره السيوطي 2: 44 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب.
وسيأتي أيضًا: 7282 ، من رواية منصور ، عن شقيق ، وهو أبو وائل ، به ، نحوه.
(52) الحديث: 7280- عدي بن عدي بن عميرة الكندي: تابعي ثقة معروف ، قال البخاري في الكبير 4 / 1 / 44: "سيد أهل الجزيرة". وهو يروي عن أبيه ، ولكنه روى عنه هنا بواسطة عمه العرس بن عميرة ورجاء بن حيوة.
رجاء بن حيوة - بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة: تابعي ثقة كثير العلم والحديث. وهو من رهط امرئ القيس بن عابس الكندي صاحب هذه الحادثة. جدهما الأعلى: "امرؤ القيس ابن عمرو بن معاوية الأكرمين الكندي".
العرس - بضم العين المهملة وسكون الراء وآخره سين مهملة: هو ابن عميرة الكندي ، وهو صحابي ، جزم البخاري بصحبته ، وروى له حديثًا في الكبير 4 / 1 / 87. وهو أخو عدي بن عميرة ، وعم عدي ابن عدي.
عدي بن عميرة بن فروة الكندي: صحابي معروف ، يكنى"أبا زرارة" ، له أحاديث في صحيح مسلم ، كما قال الحافظ في الإصابة.
و"عميرة": بفتح العين وكسر الميم ، كما نص عليه في المشتبه للذهبي وغيره. وضبط في طبقات ابن سعد 6: 36 بضمة فوق العين. وهو خطأ صرف ، فإن اسم"عميرة" بالضم - من أسماء النساء. وضبط في الطبقات على الصواب في ترجمة أخرى لعدي 7 / 2 / 176.
ووقع في المخطوطة هنا"عدي بن عمير" و"العرس بن عمير" - بدون هاء في آخره فيهما. وهو خطأ.
والحديث رواه أحمد في المسند 4: 191-192 (حلبي) ، عن يحيى بن سعيد ، عن جرير ابن حازم ، بهذا الإسناد ، نحوه.
ثم رواه ، ص: 192 ، عن يزيد ، وهو ابن هارون ، "حدثنا جرير بن حازم" ، بهذا الإسناد. ولم يذكر لفظ الحديث كله. ووقع في نسخة المسند المطبوعة في هذا الموضع سقط قول أحمد: "حدثنا يزيد" ، وهو خطأ واضح. وثبت على الصواب في مخطوطة المسند المرموز لها بحرف"م".
وذكره ابن كثير 2: 172 ، من رواية المسند الأولى ، ثم قال: "ورواه النسائي ، من حديث عدي بن عدي ، به" ، وهو يريد بذلك السنن الكبرى ، فإنه ليس في السنن الصغرى.
ولذلك ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4: 178 ، وقال: "رواه أحمد ، والطبراني في الكبير ، ورجالهما ثقات".
وهو في الدر المنثور 2: 44 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في الشعب ، وابن عساكر.
(53) الحديث: 7281- هذا حديث مرسل ، لم يذكر ابن جريج من حدثه به. فهو ضعيف الإسناد.
وقول ابن جريج"قال آخرون" - هو ثابت في المخطوطة والمطبوعة. ولم يذكره السيوطي ، فلعله اختصره.
ومعناه أن ابن جريج كان يتحدث في شأن نزول الآية ، والظاهر أنه تحدث بخبر قبل هذا ، ثم قال: "وقال آخرون" - فذكر هذا الحديث. ولعله ذكر الآية الماضية: 7279- ، أو الآتية: 7282 ، أو نحو ذلك ، ثم أتى بروايته هذه المرسلة.
وهي ضعيفة الإسناد كما قلنا لإرسالها. ثم هي ضعيفة لما فيها من منافاة لتينك الروايتين الصحيحتين:
أن الخصومة كانت بين الأشعث ورجل يهودي ، وأن اليهودي كان المدعى عليه الذي عليه اليمين ، وأن الأشعث قال: "إذن يحلف". فهي ضعيفة الإسناد ، ضعيفة السياق.
وهذه الرواية ذكرها السيوطي 2: 44 ، ولم ينسبها لغير الطبري.
وقوله: "فقام الأشعث ليحلف" - هذا هو الثابت في المطبوعة ، وهو الصواب إن شاء الله. وفي المخطوطة: "فحلف" ، وهو خطأ ، يدل على غلطه قوله بعد"فنكل". والنكول إنما يكون عند عرض اليمين أو الهم بالحلف. أما بعد الحلف فلا يكون نكول ، بل رجوع إلى الحق ، أو إقرار به ، ولا يسمى نكولا. وفي الدر المنثور: "فقال الأشعث: نحلف" - والظاهر أنه تصحيف.
(54) الحديث: 7282- جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. ومنصور: هو ابن المعتمر. وشقيق: هو أبو وائل.
وهذا الحديث هو الحديث السابق: 7279 ، بنحوه. ذاك من رواية الأعمش عن أبي وائل ، وهذا من رواية منصور عن أبي وائل. وقد بينا تخريجه هناك.
ونذكر هنا أن من روايات البخاري إياه ، روايته في 5: 207 (فتح) ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير بهذا الإسناد.
وكذلك رواه مسلم 1: 50 ، عن إسحاق بن إبراهيم -وهو ابن راهويه- عن جرير ، به ، ولم يذكر لفظه.
ورواه أحمد في المسند 5: 211 (حلبي) ، عن زياد البكائي عن منصور.
ورواه البخاري 11: 473 ، من طريق شعبة ، عن سليمان - وهو الأعمش - ومنصور ، كلاهما عن أبي وائل.
ورواه أيضًا 13: 156 ، من طريق سفيان ، وهو الثوري عن منصور.
(55) الحديث: 7286- هذا إسناد مرسل ، قتادة -وهو ابن دعامة-: لم يدرك عمران ابن حصين ، مات عمران سنة 52 ، وولد قتادة سنة 61.
وسيأتي الحديث عقب هذا بإسناد آخر متصل.
(56) الحديث: 7287- موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، وحسين بن علي الجعفي: ترجمنا لهما فيما مضى: 174.
زائدة: هو ابن قدامة الثقفي ، مضى في: 4897.
هشام: هو ابن حسان.
محمد: هو ابن سيرين. ووقع هنا في المخطوطة والمطبوعة: "قال محمد بن عمران بن حصين"! وهو خطأ صرف ، حرفت كلمة"عن" إلى"بن". والصواب ما أثبتنا: "محمد ، عن عمران بن حصين". وهكذا مخرج الحديث ، كما سيأتي.
وهذا الحديث ظاهره هنا أنه موقوف. ولكنه في الحقيقة مرفوع ، حتى لو كان موقوفًا لفظًا ، فإنه - على اليقين- مرفوع حكمًا ، لأن الوعيد الذي فيه ليس مما يعرف بالرأي ولا القياس ، ولا مما يدرك بالاستنباط من القرآن. ثم قد ثبت رفعه صريحًا ، من هذا الوجه:
فرواه أحمد في المسند 4: 436 ، 441 ، عن يزيد ، وهو ابن هارون: "أخبرنا هشام ، عن محمد ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدًا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار". ولم يذكر فيه الاستشهاد بالآية.
وكذلك رواه أبو داود: 3242 ، عن محمد بن الصباح البزاز ، عن يزيد بن هارون به ، نحوه.
وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 4: 294 ، من طريق يزيد بن هارون ، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3: 47 ، من رواية أبي داود والحاكم.
وذكره السيوطي 2: 46 ، بنحو رواية الطبري هنا: موقوفًا لفظًا مع الاستشهاد بالآية - ونسبه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وأبي داود ، وابن جرير ، والحاكم ، مع اختلاف السياق بين الروايتين ، كما هو ظاهر. وذلك منه دلالة على أنه لا فرق بين رفعه ووقفه لفظًا ، إذ كان مرفوعًا حكمًا ولا بد.
"اليمين المصبورة" و"يمين الصبر" - قال القاضي عياض في المشارق 2: 38"من الحبس والقهر" ، بمعنى"إلزامها والإجبار عليها".
وقال الخطابي في معالم السنن ، رقم: 3115 من تهذيب السنن: "اليمين المصبورة ، هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم ، فيصبر من أجلها ، أي يحبس. وهي يمين الصبر ، وأصل الصبر: الحبس. ومن هذا قولهم: قتل فلان صبرًا ، أي حبسًا على القتل وقهرًا عليه".
(57) الحديث: 7289- هذا إسناد مرسل. فإن قتادة لم يدرك ابن مسعود. ولد بعد موته بنحو 29 سنة.
والحديث لم أجده إلا عند السيوطي 2: 46 ونسبه لابن جرير فقط.