القول في تأويل قوله : رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، ومن ذكر من الرسل (16) =" رسلا "، فنصب " الرسل " على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم (17) =" مبشرين "، يقول: أرسلتهم رسلا إلى خلقي وعبادي، مبشرين بثوابي من أطاعني واتبع أمري وصدَّق رسلي، ومنذرين عقابي من عصاني وخالف أمري وكذب رسلي=" لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل "، يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين، لئلا يحتجّ من كفر بي وعبد الأنداد من دوني، أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردتُ عقابه: لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى [سورة طه: 134]. فقطع حجة كلّ مبطل ألحدَ في توحيده وخالف أمره، بجميع معاني الحجج القاطعة عذرَه، إعذارًا منه بذلك إليهم، لتكون لله الحجة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
10849- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل "، فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسلا.
* * *
=" وكان الله عزيزًا حكيمًا "، يقول: ولم يزل الله ذا عِزة في انتقامه ممن انتقم [منه] من خلقه، (18) على كفره به، ومعصيته إياه، بعد تثبيته حجَّتَه عليه برسله وأدلَّتَه=" حكيمًا "، في تدبيره فيهم ما دبّره. (19)
-----------------
الهوامش :
(16) في المخطوطة: "ومن ذكر الرسل" ، بإسقاط"من" ، والصواب ما في المطبوعة.
(17) في المطبوعة والمخطوطة: "فنصب به الرسل" ، بزيادة"به" ، والصواب حذفها. انظر معنى"القطع" فيما سلف من فهارس المصطلحات.
(18) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.
(19) انظر تفسير"عزيز" فيما سلف: ص408 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك= وتفسير"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.