وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا أى: وجعلنا هؤلاء المذكورين، أئمة في الخير، يهدون ويرشدون غيرهم إلى الدين الحق بسبب أمرنا لهم بذلك، وتكليفهم بتبليغ وحينا إلى الناس.
قال صاحب الكشاف: قوله- سبحانه-: يَهْدُونَ بِأَمْرِنا فيه أن من صلح ليكون قدوة في دين الله، فالهداية محتومة عليه، مأمور بها من جهة الله ليس له أن يخل بها، ويتثاقل عنها، وأول ذلك أن يهتدى بنفسه، لأن الانتفاع بهداه أعم، والنفوس إلى الاقتداء بالمهدى أميل» .
وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ أى: وأوحينا إليهم أن يفعلوا الطاعات، وأن يأمروا الناس بفعلها، وأوحينا إليهم كذلك إِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ أى: أن يقيموا الصلاة وأن يؤدوا الزكاة وأن يأمروا غيرهم بذلك.
وعطف إقام الصلاة وإيتاء الزكاة على فعل الخيرات من باب عطف الخاص على العام.
للاهتمام به إذ الصلاة أفضل العبادات البدنية والزكاة أفضل العبادات المالية وَكانُوا لَنا عابِدِينَ لا لغيرنا، فهم لم يخطر ببالهم عبادة أحد سوانا، لأنهم من المصطفين الأخيار.
هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة التي وردت في قصة إبراهيم مع قومه. يراها قد حكت لنا غيرة إبراهيم- عليه السلام- على دين الله- تعالى- وقوة حجته في الدفاع عن الحق، ومجاهدته بما يعتقده بدون خوف من قومه، وجمعه في دعوته بين القول والعمل.
كما يراها قد بينت لنا أن من يدافع عن دين الله- تعالى- يدافع الله- سبحانه- عنه، وينصره على أعدائه، ويرد كيدهم في نحورهم.
كما يراها- أيضا- قد أشارت إلى أن من هاجر من أرض إلى أخرى من أجل إعلاء كلمة الله- تعالى- رزقه الله نظير ذلك الخير والبركة، والذرية الصالحة التي تهدى غيرها إلى الطريق المستقيم.
ثم ساق- سبحانه- جانبا من قصة لوط- عليه السلام- مع قومه فقال- تعالى-: