لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25(ثم أكمل وصف النعيم بقوله : { لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً } ، وهي نعمة روحية فإن سلامة النفس من سماع ما لا يُحَب سماعه ومن سماع ما يكره سماعه من الأذى نعمة براحة البال وشغله بسماع المحبوب .
واللغو : الكلام الذي لا يعتدّ به كالهذيان ، والكلام الذي لا محصل له .
والتأثيم : اللَّوم والإِنكار ، وهو مصدر أَثَّم ، إذا نسب غيره إلى الإثم .
وضمير { فيها } عائد إلى { جنات النعيم } [ الواقعة : 12 ] .
وأتبع ذكر هذه النعمة بذكر نعمة أخرى من الأنعام بالمسموع الذي يفيد الكرامة لأن الإِكرام لذة رُوحية يُكسب النفس عزة وإدلالاً بقوله : { إلا قيلاً سلاماً سلاماً } . وهو استثناء من { لغواً و تأثيماً } بطريقة تأكيد الشيء بما يشبه ضده المشتهر في البديع باسم تأكيد المدح لما يشبه الذم ، وله موقع عظيم من البلاغة كقوله النابغة :
ولا عيب فيهم غيرَ أنّ سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
فالاستثناء متصل إدعاءً وهو المعبر عنه بالاستثناء المنقطع بحسب حاصل المعنى