أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) إن كان هذا من حكاية كلام نوح عليه السلام لقومه كما جرى عليه كلام المفسرين ، كان تخلصاً من التوبيخ والتعريض إلى الاستدلال عليهم بآثار وجود الله ووحدانيته وقدرته ، مما في أنفسهم من الدلائل ، إلى ما في العالم منها ، لِما علمتَ من إيذان قوله : { وقد خلقكم أطواراً } [ نوح : 14 ] من تذكير بالنعمة وإقامة للحجة ، فتخلص منه لذكر حجة أخرى ، فكان قد نبههم على النظر في أنفسهم أولاً لأنها أقرب ما يحسونه ويشعرون به ثم على النظر في العالم وما سُوّي فيه من العجائب الشاهدة على الخالق العليم القدير .
وإن كان من خطاب الله تعالى للأمة وهو ما يسمح به سياق السورة من الاعتبار بأحوال الأمم الماضية المساوية لأحوال المشركين كان هذا الكلام اعتراضاً للمناسبة .
والهمزة في { ألم تروا } للاستفهام التقريري مكنى به عن الإِنكار عن عدم العلم بدلائل ما يرونه .
والرؤية بصرية . ويجوز أن تكون علمية أي ألم تعلموا فيدخل فيه المرئي من ذلك . وانتصب { كيف } على المفعول به ل { تروا } ، ف { كيف } هنا مجردة عن الاستفهام متمحضة للدلالة على الكيفية ، أي الحالة .
والمعنى : ألستم ترون هيئة وحالةَ خلققِ الله السماوات .
والسماوات : هنا هي مدارات بمعنى الكواكب فإن لكل كوكب مداراً قد يكون هو سماءَه .
وقوله : { سبع سموات } يجوز أن يكون وصف { سبع } معلوماً للمخاطبين من قوم نوح ، أو من أمة الدعوة الإسلامية بأن يكونوا علموا ذلك من قبل؛ فيكون مما شمله فعل { ألم تروا } . ويجوز أن يكون تعليماً للمخاطبين على طريقة الإِدماج ، ولعلهم كانوا سلفاً للكلدانيين في ذلك .
و { طباقاً } : بعضها أعلى من بعض ، وذلك يقتضي أنها منفصل بعضها عن بعض وأن بعضها أعلى من بعض سواء كانت متماسَّة أو كان بينها ما يسمى بالخلاء .