وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) المراد ب { يومئذٍ } يوم القيامة الذي تكرر ذكره بمثل هذا ابتداءً من قوله : { يقول الإِنسان يومئذٍ أين المفر } [ القيامة : 10 ] ، وأعيد مرتين .
والجملة المقدرة المضاف إليها ( إذْ ) ، والمعوَّضُ عنها التنوين تقديرها : يوم إذ بَرَق البصر .
وقد حصل من هذا تخلص إلى إجمال حال الناس يوم القيامة بين أهل سعادة وأهل شقاوة .
فالوجوه الناضرة وجوه أهل السعادة والوجوه الباسرة وجوه أهل الشقاء ، وذلك بين من كلتا الجملتين .
وقد علم الناس المعنيَّ بالفريقين مما سبق نزوله من القرآن كقوله في سورة عبس ( 40 42 ) : { وَوُجوه يومئذٍ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة } فعُلم أن أصل أسباب السعادة الإِيمان بالله وحده وتصديق رسُوله والإِيمان بما جاء به الرسول ، وأن أصل أسباب الشقاء الإشراك بالله وتكذيب الرسول ونبذ ما جاء به . وقد تضمن صدر هذه السورة ما ينبىء بذلك كقوله : { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } [ القيامة : 3 ] وقوله : { بل يريد الإِنسان ليفجر أمامه } [ القيامة : 5 ] .
وتنكير { وجوه } للتنويع والتقسيم كقوله تعالى : { فريقٌ في الجنة وفريق في السعير } [ الشورى : 7 ] وقول الشاعر وهو من أبيات «كتاب الآداب» ولم يعزُه ولا عَزَاهُ صاحبُ «العُباب» في شرحه :
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ... ويومٌ نُساء ويوم نُسَر
وقول أبي الطيب :
فيوماً بخيل تَطْرُد الروم عنهم ... وَيْومٌ بِجُود تَطرد الفَقر والجَدْبا
فالوجوه الناضرة الموصوفةُ بالنضْرة ( بفتح النون وسكون الضاد ) وهي حسن الوجه من أثر النعمة والفرح ، وفعله كنصَر وكرُم وفرِح ، ولذلك يقال : ناضر ونَضير ونَضِر ، وكُني بنضرة الوجوه عن فرح أصحابها ونعيمهم ، قال تعالى في أهل السعادة { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } [ المطففين : 24 ] لأن ما يحصل في النفس من الانفعالات يظهر أثره .