تنوير - Tanweer   سورة  النحل الأية 74


سورة Sura   النحل   An-Nahl
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ۞ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (76) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)
الصفحة Page 275
فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74)

تفريع على جميع ما سبق من الآيات والعبر والمنن ، إذ قد استقام من جميعها انفراد الله تعالى بالإلهية ، ونفي الشريك له فيما خلق وأنعم ، وبالأولى نفي أن يكون له ولد وأن يشبه بالحوادث؛ فلا جرم استتبّ للمقام أن يفرع على ذلك زجر المشركين عن تمثيلهم غير الله بالله في شيء من ذلك ، وأن يمثّلوه بالموجودات .

وهذا جاء على طريقة قوله تعالى : { يا أيها الناس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم } [ سورة البقرة : 21 ] إلى قوله تعالى : { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } [ سورة البقرة : 22 ] ، وقوله : { وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم } [ سورة يس : 78 ].

و { الأمثال } هنا جمع مَثَل بفتحتين بمعنى المماثل ، كقولهم : شبه بمعنى مشابه . وضرب الأمثال شاع استعماله في تشبيه حالة بحالة وهيئة بهيئة ، وهو هنا استعمال آخر .

ومعنى الضرب في قولهم : ضَرب كذا مثلاً ، بَيّنّاه عند قوله تعالى : { إنا لله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة ( 26 ).

واللاّم في { لله } متعلقة ب { الأمثال } لا ب { تضربوا } ، إذ ليس المراد أنهم يضربون مَثَل الأصنام بالله ضرباً للناس كقوله تعالى : { ضرب لكم مثلاً من أنفسكم } [ سورة الروم : 28 ].

ووجه كون الإشراك ضرب مثل لله أنهم أثبتوا للأصنام صفات الإلهية وشبّهوها بالخالق ، فإطلاق ضرب المثل عليه مثل قوله تعالى : { وقالوا أءالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً } [ سورة الزخرف : 58 ]. وقد كانوا يقولون عن الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، والملائكة هنّ بنات الله من سروات الجِنّ ، فذلك ضرب مثل وتشبيه لله بالحوادث في التأثّر بشفاعة الأكفاء والأعيان والازدهاء بالبنين .

وجملة { إن الله يعلم } تعليل للنّهي عن تشبيه الله تعالى بالحوادث ، وتنبيه على أن جهلهم هو الذي أوقعهم في تلك السخافات من العقائد ، وأن الله إذ نهاهم وزجرهم عن أن يشبّهوه بما شبّهوه إنما نهاهم لعلمه ببطلان اعتقادهم .

وفي قوله تعالى : { وأنتم لا تعلمون } استدعاء لإعمال النّظر الصحيح ليصلوا إلى العلم البريء من الأوهام .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022