كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42(
وجملة { كذبوا بآياتنا كلها } بدل اشتمال من جملة { جاء آل فرعون النذر } لأن مجيء النذر إليهم ملابس للآيات ، وظهور الآيات مقارن لتكذيبهم بها فمجيء النذر مشتمل على التكذيب لأنه مقارنُ مقارنِهِ .
وقوله : { بآياتنا } إشارة إلى آيات موسى المذكورة في قوله تعالى : { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد } [ الأعراف : 133 ] وهي تسع آيات منها الخمس المذكورة في آية الأعراف والأربع الأخر هي : انقلاب العصا حية ، وظهور يده بيضاء ، وسِنُو القحط ، وانفلاق البحر بمرأى من فرعون وآله ، ولم ينجع ذلك في تصميمهم على اللحاق ببني إسرائيل .
وتأكيد { آياتنا } ب { كلها } إشارة إلى كثرتها وأنهم لم يؤمنوا بشيء منها ، وتكذيبهم بآية انفلاق البحر تكذيب فعلي لأن موسى لم يَتحدَّهُم بتلك الآية وقوم فرعون لما رأوا تلك الآية عدّوها سحراً وتوهموا البحر أرضاً فلم يهتدوا بتلك الآية .
والأخذ : مستعار للانتقام ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف } في سورة النحل ( 46 ، 47 ( .
وهذا الأخذ : هو إغراق فرعون ورجالُ دولته وجنده الذين خرجوا لنصرتِه كما تقدم في الأعراف .
وانتصب أخذ عزيز مقتدر } على المفعولية المطلقة مبيناً لنوع الأخذ بأفظع ما هو معروف للمخاطبين من أخذ الملوك والجبابرة .
والعزيز : الذي لا يغلب . والمقتدر : الذي لا يَعجِز .
وأريد بذلك أنه أخْذ لم يبق على العدوّ أيّ إبقاء بحيث قطع دابر فرعون وآله .