يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48(
، لأن الظاهر أن { يوم يسحبون في النار } طرف للكون في ضلال وسعُر على نحو قوله تعالى : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذٍ واجفة } [ النازعات : 6 8 ] ، وقوله : { ويوم القيامة هم من المقبوحين } [ القصص : 42 ] فلا يناسب أن يكون الضلال ضد الهدى .
ويجوز أن يكون { يوم يسحبون } ظرفاً للكون الذي في خبر { إن } ، أي كائنون في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار . فالمعنى : أنهم في ضلال وسعر يوم القيامة و { سُعُر } جمع سعير ، وهو النار ، وجُمع السعير لأنه قوي شديد .
والسحْبُ : الجَرّ ، وهو في النار أشد من ملازمة المكان لأنه به يتجدد مماسة نار أخرى فهو أشد تعذيباً .
وجُعل السحْب على الوجوه إهانة لهم .
و { ذوقوا مس سقر } مقول قول محذوف ، والجملة مستأنفة . والذوق مستعار للإِحساس .
وصيغة الأمر مستعملة في الإِهانة والمجازاة .
والمس مستعمل في الإِصابة على طريقة المجاز المرسل .
وسَقَر : عَلَم على جهنم ، وهو مشتق من السَّقْر بسكون القاف وهو التهاب في النار ، ف { سقر } وضع علَماً لجهنم ، ولذلك فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، لأن جهنم اسم مؤنث معنىً اعتبروا فيه أن مسماه نار والنار مؤنثة .
والآية تتحمل معنى آخر ، وهو أن يراد بالضلال ضد الهدى وأن الإِخبار عن المجرمين بأنهم ليسوا على هُدى ، وأن ما هم فيه باطل وضلال ، وذلك في الدنيا ، وأن يُراد بالسُّعر نيران جهنم وذلك في الآخرة فيكون الكلام على التقسيم .
أو يكون السُّعر بمعنى الجنون ، يقال : سُعُر بضمتين وسُعْر بسكون العين ، أي جنون ، من قول العرب ناقة مسعورة ، أي شديدة السرعة كأن بها جنوناً كما تقدم عند قوله تعالى : { إنا إذن لفي ضلال وسعر } في هذه السورة ( 24 ( .
وروي عن ابن عباس وفسر به أبو علي الفارسي قائلاً : لأنهم إن كانوا في السعير لم يكونوا في ضلال لأن الأمر قد كشف لهم وإنما وصف حالهم في الدنيا ، وعليه فالضلال والسعر حاصلان لهم في الدنيا .