بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22)
يجوز إنه إضراب انتقالي من التعجيب من عدم إيمانهم وإنكاره عليهم إلى الإِخبار عنهم بأنهم مستمرون على الكفر والطعن في القرآن ، فالكلام ارتقاء في التعجيب والإِنكار .
فالإِخبار عنهم بأنهم يكذبون مستعمل في التعجيب والإِنكار فلذلك عبر عنه بالفعل المضارع الذي يستروح منه استحضار الحالة مثل قوله : { يجادلنا في قوم لوط } [ هود : 74 ] .
ويجوز أن يكون { بل } إضراباً إبطالياً ، أي لا يوجد ما لأجله لا يؤمنون ولا يصدقون بالقرآن بل الواقع بضد ذلك فإن بواعث الإِيمان من الدلائل متوفرة ودواعي الاعتراف بصدق القرآن والخضوع لدعوته متظاهرة ولكنهم يكذبون ، أي يستمرون على التكذيب عناداً وكبرياء ويومىء إلى ذلك قوله : { واللَّه أعلم بما يوعون } [ الانشقاق : 23 ] .
وهذان المعنيان نظيرُ الوجهين في قوله تعالى في سورة الانفطار ( 9 10 ) { بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين . } وفي اجتلاب الفعل المضارع دلالة على حدوث التكذيب منهم وتجدده ، أي بل هم مستمرون على التكذيب عناداً وليس ذلك اعتقاداً فكما نُفي عنهم تجدُّد الإِيمان وتجدد الخضوع عند قراءة القرآن أُثبت لهم تجدد التكذيب .
وقوله : الذين كفروا } إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : بل هم يكذبون ، فعدل إلى الموصول والصلة لما تؤذن به الصلة من ذمهم بالكفر للإِيماء إلى علة الخبر ، أي أنهم استمروا على التكذيب لتأصل الكفر فيهم وكونهم ينعتون به .