يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)
والكدحُ : يطلق على معان كثيرة لا نتحقق أيَّها الحقيقة ، وقد أهمل هذه المادة في «الأساس» فلعله لأنه لم يتحقق المعنى الحقيقي . وظاهر كلام الراغب أن حقيقته : إتعاب النفس في العمل والكد . وتعليق مجروره في هذه الآية بحرف ( إلى ) تؤذن بأن المراد به عمل ينتهي إلى لقاء الله ، فيجوز أن يضمن { كادح } معنى ساععٍ لأن كدح الناس في الحياة يتطلبون بعمل اليوم عملاً لغد وهكذا ، وذلك يتقضَّى به زمن العمر الذي هو أجل حياة كل إنسان ويعقبه الموت الذي هو رجوع نفس الإنسان إلى محض تصرف الله ، فلما آل سعيه وكدحه إلى الموت جُعِل كدحُه إلى ربه . فكأنه قيل : إنك كادح تسعى إلى الموت وهو لقاء ربك ، وعليه فالمجرور ظرف مستقر هو خبر ثان عن حرف ( إنَّ ) ، ويجوز أن يضمن { كادح } معنى ماش فيكون المجرور ظرفاً لغواً .
و { كدحاً } منصوب على المفعولية المطلقة لتأكيد { كادح } المضمن معنى ساع إلى ربك ، أي ساع إليه لا محالة ولا مفر .
وضمير النصب في «ملاقيه» عائد إلى الرب ، أي فملاق ربك ، أي لا مفر لك من لقاء الله ولذلك أكد الخبر بإن .