القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، منبِّهًا عبادَه على موضع الدّلالة على ربوبيته ، وأنه خالق كلِّ ما دونه: إن في اعتقاب الليل النهارَ ، واعتقاب النهار الليلَ، . إذا ذهب هذا جاء هذا ، وإذا جاء هذا ذهب هذا، (34) وفيما خلق الله في السماوات من الشمس والقمر والنجوم ، وفي الأرض من عجائب الخلق الدالة على أن لها صانعا ليس كمثله شيء ، (لآيات)، يقول : لأدلة وحججًا وأعلامًا واضحةً ، (لقوم يتقون) الله، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم.
فإن قال قائل: أوَ لا دلالة فيما خلق الله في السماوات والأرض على صانعه ، إلا لمن اتقى الله؟
قيل: في ذلك الدلالة الواضحةُ على صانعه لكل من صحَّت فطرته، وبرئ من العاهات قلبه. ولم يقصد بذلك الخبرَ عن أن فيه الدلالة لمن كان قد أشعرَ نفسه تقوى الله وإنما معناه: إن في ذلك لآيات لمن اتَّقى عقاب الله ، فلم يحمله هواه على خلاف ما وضحَ له من الحق، لأن ذلك يدلُّ كل ذي فطرة صحيحة على أن له مدبِّرًا يستحقّ عليه الإذعان له بالعبودة ، دون ما سواه من الآلهة والأنداد.
------------------------
الهوامش:
(34) وتفسير " اختلاف الليل والنهار " فيما سلف 3 : 272 ، 273 .