تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  يونس الأية 78


سورة Sura   يونس   Yunus
۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (71) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (73) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۚ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا إِنَّ هَٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ (76) قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)
الصفحة Page 217
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال فرعون وملؤه لموسى: (أجئتنا لتلفتنا) ، يقول: لتصرفنا وتلوينا ، (عمّا وجدنا عليه آباءنا) ، من قبل مجيئك ، من الدين.

* * *

، يقال منه: " لفت فلانٌ [ عنق فلان " إذا لواها، كما قال رؤبة]: (36)

*لَفْتًا وَتْهِزِيعًا سَواءَ اللَّفْتِ* (37)

" التهزيع ": الدق، و " اللفت "، اللّي، كما:-

17765- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : (لتلفتنا) ، قال: لتلوينا عما وجدنا عليه آباءنا.

* * *

وقوله: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) ، يعني العظمة، وهي " الفعلياء " من " الكبر ". ومنه قول ابن الرِّقاع:

سُــؤْدَدًا غَــيْرَ فَــاحِش لا يُــدَا

نِيـــهِ تِجِبَّـــارَةٌ وَلا كِبْرِيـــاءُ (38)

* * *

17766- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض)، قال: الملك.

17767-. . . . قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) ، قال: السلطان في الأرض.

17768-. . . . قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني، عن مجاهد قال: الملك في الأرض.

17769-. . . . قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) ، قال: الطاعة.

17770- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) قال: الملك.

17771-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17772- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

17773- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد قال: السلطان في الأرض.

* * *

قال أبو جعفر: وهذه الأقوال كلها متقارباتُ المعاني، وذلك أن الملك سلطان، والطاعة ملك، غير أن معنى " الكبرياء "، هو ما ثبت في كلام العرب، ثم يكون ذلك عظمة بملك وسلطان وغير ذلك.

* * *

وقوله: (وما نحن لكما بمؤمنين) ، يقول: " وما نحن لكما " يا موسى وهارون " بمؤمنين "، يعني بمقرِّين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا.

------------------------

الهوامش:

(36) كان في المخطوطة والمطبوعة : " كما قال ذو الرمة " ، وهو خطأ لا شك فيه ، صوابه ما أثبت ، كما دل عليه مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 280 ، وأنا أرجح أن ذلك من الناسخ ، لا من أبي جعفر ، لأنه نقل عن أبي عبيدة . وانظر مثل هذا فيما سلف ص : 150 ، تعليق : 1 : فوضعت الصواب بين القوسين .

(37) ديوانه 24 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 280 ، اللسان ( هزع ) ، من رجز ذكر فيه نفسه ، يقول قبله ، مشبها نفسه بالأسد :

فَــإنْ تَــرَيْنِي أَحْــتَمِي بِالسَّـكْتِ

فَقَـــدْ أَقُــومُ بِالْمَقَــامِ الثَّبْــتِ

أشْــجَعَ مِــنْ ذي لِبَــدٍ بِخَــبْتِ

يَــدُقُّ صُلْبــاتِ العِظَــامِ رَفْتِـي

و " الرفت " ، الدق والكسر . وقوله " سواء اللفت " ، أي " سوى اللفت " " سواء " ( بفتح السين ) و " سوى " ( بكسر السين ) ، بمعنى : غير .

(38) لم أجد البيت في مكان آخر ، وكان في المطبوعة : " تجباره " ، ومثله في المخطوطة ، أما ضبطه فقد شغلني ، لأن أصحاب اللغة لم يذكروا في مصادر " الجبروت " سوى " التجبار " ( بفتح فسكون ) بمعنى الكبر . فكأن قارئه يقرؤه كما في المطبوعة والمخطوطة " تجباره " ( بفتح فسكون ) ، مضافا إلى الهاء . وظني أن الضبط الذي ذهبت إليه أجود ، وإن لم يذكروه في المصادر في كتب اللغة التي بين أيدينا . ومصدر " تِفِعَّال " ( بكسر التاء والفاء وتشديد العين ) ، هو قياس التصدير في " تَفَعَّل " لكنها صارت مسموعة لا يقاس على ما جاء منها الشافية 1 : 166 ) ، نحو " تِمِلَّاق " ودخول التاء في مثله في المصادر جائز في العربية . وبالضبط الذي ضبطته يستقيم وزن الشعر ، فأخشى أن يكون هذا المصدر على هذا الميزان ، مما أغفلته كتب اللغة .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022