القول في تأويل قوله تعالى : آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره ، معرِّفًا فرعون قبح صَنيعه أيّام حياته وإساءته إلى نفسه أيام صحته، بتماديه في طغيانه ، ومعصيته ربه ، حين فزع إليه في حال حلول سَخطه به ونـزول عقابه، مستجيرًا به من عذابه الواقع به ، لما ناداه وقد علته أمواج البحر ، وغشيته كرَبُ الموت: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ له، المنقادين بالذلة له، المعترفين بالعبودية ، الآن تقرُّ لله بالعبودية، وتستسلم له بالذلة، وتخلص له الألوهة، وقد عصيته قبل نـزول نقمته بك ، فأسخطته على نفسك ، وكنت من المفسدين في الأرض ، الصادِّين عن سبيله؟ فهلا وأنت في مَهَلٍ ، وباب التوبة لك منفتح ، أقررت بما أنت به الآن مقرٌّ؟
* * *