تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الأنعام الأية 113


سورة Sura   الأنعام   Al-An'aam
۞ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)
الصفحة Page 142
وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا =(ولتصغى إليه)، يقول جل ثناؤه: يوحي بعض هؤلاء الشياطين إلى بعض المزيَّن من القول بالباطل, ليغرّوا به المؤمنين من أتباع الأنبياء فيفتنوهم عن دينهم=(ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة)، يقول: ولتميل إليه قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة .

* * *

= وهو من " صغَوْت تَصْغَى وتصغُو "= والتنـزيل جاء بـ " تصغَى " =" صَغْوًا، وصُغُوًّا "، وبعض العرب يقول: " صغيت "، بالياء، حكي عن بعض بني أسد: " صَغيت إلى حديثه, فأنا أصغَى صُغِيًّا " بالياء, وذلك إذا ملت. يقال: " صَغْوِي معك "، إذا كان هواك معه وميلك, مثل قولهم: " ضِلَعِي معك ". ويقال: " أصغيت الإناء " إذا أملته ليجتمع ما فيه، ومنه قول الشاعر: (14)

تَـرَى السَّـفِيهَ بِـهِ عَـنْ كُـلِّ مُحْكَمَةٍ

زَيْـغٌ, وفيـهِ إلَـى التَّشْـبِيهِ إصْغَـاءُ (15)

ويقال للقمر إذا مال للغيوب: " صغا " و " أصغى " .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

13781- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن على بن أبي طلحة, عن ابن عباس: (ولتصغى إليه أفئدة)، يقول: تزيغ إليه أفئدة .

13782- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس في قوله: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة)، قال: لتميل .

13783- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة)، يقول: تميل إليه قلوبُ الكفار، ويحبونه، ويرضون به .

13784- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة )، قال: " ولتصغى "، وليهووا ذلك وليرضوه. قال: يقول الرجل للمرأة: " صَغَيْت إليها "، هويتها .

* * *

القول في تأويل قوله : وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وليكتسبوا من الأعمال ما هم مكتسبون .

* * *

حكي عن العرب سماعًا منها: " خرج يقترف لأهله ", بمعنى يكسب لهم. ومنه قيل: " قارف فلان هذا الأمر "، إذا واقعه وعمله .

وكان بعضهم يقول: هو التهمة والادعاء. يقال للرجل: " أنت قَرَفْتَنِي"، أي اتهمتني. ويقال: " بئسما اقترفتَ لنفسك " ، وقال رؤبة:

أَعْيَــا اقْـتِرَافُ الكَـذِبِ المَقْـرُوفِ

تَقْــوَى التَّقِــي وعِفَّــةَ العَفِيـفِ (16)

* * *

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: (وليقترفوا)، قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

13785- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: (وليقترفوا ما هم مقترفون)، وليكتسبوا ما هم مكتسبون .

13786- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وليقترفوا ما هم مقترفون)، قال: ليعملوا ما هم عاملون .

13787- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وليقترفوا ما هم مقترفون)، قال: ليعملوا ما هم عاملون .

---------------------------

الهوامش :

(14) لم أعرف قائله .

(15) اللسان ( صغا ) ، وأيضًا في تفسير أبي حيان 4 : 205 ، والقرطبي 7 : 69 ، وفي اللسان والقرطبي : (( عن كل مكرمة )) ، وكأن الصواب ما تفسير ابن جرير ، وأبي حيان ، وكأن الشاعر يريد الذين يتبعون ما تشابه من آيات كتاب الله ، ويعرضون عن المحكم من آياته .

(16) ليسا في ديوانه ، وهما في مجاو القرآن 1 : 205 .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022