القول في تأويل قوله : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي جعل لكم، أيها الناس، النجوم أدلةً في البر والبحر إذا ضللتم الطريق, أو تحيرتم فلم تهتدوا فيها ليلا تستدلّون بها على المحجَّة, فتهتدون بها إلى الطريق والمحجة، فتسلكونه وتنجون بها من ظلمات ذلك, كما قال جل ثناؤه: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [سورة النحل: 16] ، أي: من ضلال الطريق في البرّ والبحر = وعنى بالظلمات، ظلمة الليل, وظلمة الخطأ والضلال, وظلمة الأرض أو الماء.
* * *
وقوله: " قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون "، يقول: قد ميَّزنا الأدلة، وفرَّقنا الحجج فيكم وبيّناها، أيها الناس، (14) ليتدبّرها أولو العلم بالله منكم، ويفهمها أولو الحجا منكم, فينيبوا من جهلهم الذي هم مقيمون عليه, وينـزجروا عن خطأ فعلهم الذي هم عليه ثابتون, ولا يتمادوا عنادًا لله = مع علمهم بأن ما هم عليه مقيمون خطأ = في غَيِّهم. (15)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13612 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر "، قال: يضلّ الرجل وهو في الظلمة والجور عن الطريق.
-------------------------
الهوامش :
(14) انظر تفسير"فصل" فيما سلف ص: 394 - 396.
(15) في المطبوعة: "ولا يتمادوا في عناد الله" ، زاد"في" ، فأفسد الكلام غاية الإفساد ، وسياق العبارة"ولا يتمادوا عنادًا لله . . .في غيهم" ، وفصلت الجملة المعترضة بخطين.