تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الأعراف الأية 111


سورة Sura   الأعراف   Al-A'raaf
حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) ۞ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)
الصفحة Page 164
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)

القول في تأويل قوله : قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره. قال الملأ من قوم فرعون لفرعون: أرجئه: أي أخِّره.

* * *

وقال بعضهم: معناه: احبس.

* * *

والإرجاء في كلام العرب التأخير. يقال منه: " أرجيت هذا الأمر "، و " أرجأته "، إذا أخرته. ومنه قول الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ، [سورة الأحزاب: 51] تؤخر, فالهمز من كلام بعض قبائل قيس، يقولون: " أرجأت هذا الأمر ", وترك الهمز من لغة تميم وأسد، يقولون: " أرجيته ". (21) .

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قرأة المدينة وبعض العراقيين: " أَرْجِهِ" بغير الهمز وبجرّ الهاء.

وقرأه بعض قرأة الكوفيين: " أَرْجِهْ" بترك الهمز وتسكين " الهاء "، على لغة من يقف على الهاء في المكنيِّ في الوصل، (22) إذا تحرك ما قبلها, كما قال الراجز: (23)

أَنْحَــى عَـلَيَّ الدَّهْـرُ رِجْـلا وَيَـدَا

يُقْسِـــمُ لا يُصْلِـــحُ إلا أَفْسَــدَا

فَيُصْلِحُ الْيَوْمَ وَيُفْسِدُهُ غَدَا (24)

وقد يفعلون مثل هذا بهاء التأنيث، فيقولون: " هذه طلحَهْ قد أقبلت ", كما قال الراجز: (25)

لَمَّــا رأَى أنْ لا دَعَــهْ وَلا شِــبَعْ

مَـالَ إلَـى أَرْطَـأةِ حِـقْفٍ فَاضْطَجَعْ (26)

وقراه بعض البصريين: " أَرْجِئْهُ" بالهمز وضم " الهاء ", على لغة من ذكرت من قيس.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القراءات في ذلك بالصواب، أشهرها وأفصحها في كلام العرب, وذلك ترك الهمز وجرُّ " الهاء " , وإن كانت الأخرى جائزة, غير أن الذي اخترنا أفصح اللغات وأكثرها على ألسن فصحاء العرب.

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " أرجه "

فقال بعضهم : معناه: أخره.

* ذكر من قال ذلك:

14924 - حدثنا القاسم, قال : حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, قال: قال ابن جريج: أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس, قوله: " أرجه وأخاه " قال: أخِّره.

* * *

وقال آخرون. معناه احبسه.

* ذكر من قال ذلك:

14925 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " أرجه وأخاه "، أي: أحبسه وأخاه.

* * *

وأما قوله: " وأرسل في المدائن حاشرين " يقول: من يحشرُ السحرة فيجمعهم إليك. (27) .

* * *

وقيل: هم الشُّرَط.

* ذكر من قال ذلك:

14926 - حدثني عباس بن أبي طالب قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا الحكم بن ظهير, عن السدي , عن ابن عباس: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.

14927 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر, عن أبيه, عن مجاهد: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.

14928 - قال: حدثنا حميد, عن قيس, عن السدي: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.

14929 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر, عن أبيه, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: " في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.

14930 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد, عن عكرمة, عن ابن عباس: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.

----------------

الهوامش :

(21) تفصيل اللغات ونسبتها إلى قبائلها ، ليس في شيء من معاجم اللغة ، فهي زيادة تقيد في مكانها هناك .

(22) (( المكنى )) ، الضمير .

(23) هو دويد بن زيد بن نهد القضاعى ، وهو أحد المعمرين .

(24) طبقات فحول الشعراء : 28 ، والمعمرين : 20 ، وأما لى الشريف 1 : 137 ، والشعر والشعراء : 51 والمؤتلف والمختلف : 114 ، وشرح شواهد الشافية : 274 ؛ وغيرها كثير ، وهو من قديم الشعر ، كما قال ابن سلام . ورواية هذه الأبيات تختلف اختلافا كبيرا في المراجع جميعا كما أشرت إليه في شرح طبقات ابن سلام. وكان في المطبوعة (( ألحى على الدهر )) ، و (( فقسمه لا نصلح )) ، وهذا خطأ فاسد صوابه في المخطوطة ، ومعاني القرآن للفراء .

(25) يقال هو: منظور بن حبة الأسدي.

(26) معاني القرآن للفراء 1 : 388 ، إصلاح المنطق : 108 ، وتهذيب إصلاح المنطق 1 : 167 ، وشرح شواهد الشافية : 274 - 276 ، 480 ، يصف ظبيا ، ويقول قبله : يَــا رَبُّ أَبَّـازٍ مِـنَ العُفْـرِ صَـدَعْ

تَقَبَّــضَ الــذّئْبُ إِلَيْــهِ وَاجْـتَمَعْ

قال التبريزى في شرحها : (( يصف ظبياً . والأباز : الذي يقفز . والعفر من الظباء : التي تعلو ألوانها حمرة . وتقبض : أي أنه جمع قوائمه ليثبت على الظبى . لما رأي أن أن لا دعه ، يعني الذئب ، لما رأي أنه لا يشبع من الظبى ولا يدركه ، وأنه قد تعب في طلبه . مال إلى أرطاة فاضطجع عندها . والأرطى : ضرب من شجر الرمل ، واحدته أرطاة . والحقف : المعوج من الرمل )) .

(27) انظر تفسير "الحشر" فيما سلف 12 : 115 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022