تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الأعراف الأية 71


سورة Sura   الأعراف   Al-A'raaf
أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71) فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72) وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
الصفحة Page 159
قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ۖ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71)

القول في تأويل قوله : قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال هود لقومه: قد حَلَّ بكم عذَابٌ وغضبٌ من الله.

* * *

وكان أبو عمرو بن العلاء = فيما ذكر لنا عنه = يزعم أن " الرجز " و " الرجس " بمعنى واحد، وأنها مقلوبة، قلبت السين زايًا، كما قلبت " ستّ" وهي من " سداس " بسين، (72) وكما قالوا " قَرَبُوس " و " قَرَبُوت " (73) وكما قال الراجز: (74)

أَلا لَحَــى اللــهُ بَنِــي السِّـعْلاتِ

عَمْــرَو بْـنَ يَرْبُـوعٍ لِئَـامَ النَّـاتِ

لَيْسُــوا بِأَعْفَـافٍ وَلا أَكْيَــاتِ (75)

يريد " الناس "، و " أكياس " ، فقلبت السين تاء، كما قال رؤبة:

كَـمْ قَـدْ رَأَيْنَـا مِـنْ عَدِيـدٍ مُـبْزِي

حَــتَّى وَقَمْنَــا كَيْــدَهُ بــالرِّجْزِ (76)

روي عن ابن عباس أنه كان يقول: " الرجس "، السّخط. (77)

14808-حدثني بذلك المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي بن أبى طلحة، عن ابن عباس، قوله: ( قد وقع عليكم من ربكم رجس )يقول: سَخَط.

وأما قوله: ( أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم )فإنه يقول: أتخاصمونني في أسماء سمَّيتموها أصنامًا لا تضر ولا تنفع (78) =( أنتم وآباؤكم ما نـزل الله بها من سلطان )يقول: ما جعل الله لكم في عبادتكم إياها من حجة تحتجُّون بها ، ولا معذرة تعتذرون بها ، (79) لأن العبادة إنما هي لمن ضرَّ ونفع ، وأثابَ على الطاعة وعاقب على المعصية ، ورزق ومنَع . فأما الجماد من الحجارة والحديد والنحاس ، فإنه لا نفع فيه ولا ضرّ، إلا أن تتخذ منه آلةً، ولا حجة لعابد عبده من دون الله في عبادته إياه ، لأن الله لم يأذن بذلك، فيعتذر من عبدَه بأنه يعبده اتباعًا منه أمرَ الله في عبادته إياه. (80) ولا هو= إذ كان الله لم يأذن في عبادته= مما يرجى نفعه ، أو يخاف ضرّه ، في عاجل أو آجل، فيعبد رجَاء نفعه ، أو دفع ضره -( فانتظروا إني معكم من المنتظرين )يقول: فانتظروا حكمَ الله فينا وفيكم=( إني معكم من المنتظرين )حكمَه وفصل قضائه فينا وفيكم.

-------------------

الهوامش :

(72) في المطبوعة: "كما قلبت: شئز ، وهي من: شئس" ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، والصواب ما أثبت ، يدل عليه شاهد الرجز الذي بعده.

(73) في المطبوعة والمخطوطة: "وقربوز" بالزاي (وهي في المخطوطة غير منقوطة) ، والصواب المحكي عنه بالتاء. و"القربوس" حنو السرج" وهو بقاف وراء مفتوحتان ، بعدهما باء مضمومة.

(74) هو علباء بن أرقم اليشكري.

(75) نوادر أبي زيد: 104 ، 147 ، الحيوان 1: 187/ 6: 161 ، وفيه تخريج الأبيات ، وغيرهما كثير. و"السعلاة" اسم الواحدة من نساء الجن ، إذا لم تتغول لتفتن السفار. وزعموا أن عمرو بن يربوع تزوج السعلاة ، وأولدها ، وأنها أقامت في بني تميم حتى ولدت فيهم ، فلما رأت برقًا يلمع من شق بلاد السعالي ، حنت وطارت إليهم ، فقال عمرو بن يربوع:

أَلا لِلــهِ ضَيْفُــكِ ، يَــا أُمَامَــا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولا يعرف تمام البيت كما قال أبو زيد في نوادره : 146. رَأَى بَرْقًــا فَــأَوْضَعَ فَـوْقَ بَكْـرٍ

فَـلا ، بِـكِ ، مـا أسَـالَ ومـا أَغَامَا

.

وقوله: "ليسوا بأعفاف" ، هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة. ورواية أبي زيد وغيره: "ليسوا أعفاء" ، وهي القياس ، جمع"عفيف" ، وكأن"أعفاف" جمع"عف" ، وقد نصوا على أنهم لم يجمعوا"عفا" ، أو يكون كما جمع"شريف" على"أشراف" ، في غير المضعف.

(76) ديوانه: 64 ، هكذا جاء البيت الأول في المخطوطة والمطبوعة. وهو لا يكاد يصح ، ورواية الديوان.

مَــا رَامَنَـا مـن ذي عَدِيـدٍ مَـبْزى

يقال: "أبزى فلان بفلان" ، إذا غلبه وقهاه. و"وقم عدوه" ، أذله وقهره.

(77) في المطبوعة: "الرجز" مكان"الرجس" ، وبين أن الصواب ما أثبت.

= وانظر تفسير"الرجس" فيما سلف 10: 565/ 12: 111 ، 112 ، 194.

(78) انظر تفسير"المجادلة" فيما سلف ص: 86 ، تعليق: 4 ، والمراجع هناك.

(79) انظر تفسير"سلطان" فيما سلف ص: 404 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.

(80) في المطبوعة والمخطوطة: "فيعذر من عبده" ، والسياق يقتضي ما أثبت.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022