وقوله : { ويخرون للأذقان يبكون } تكرير للجملة باختلاف الحال المقترنة بها ، أعيدت الجملة تمهيداً لذكر الحال . وقد يقع التكرير مع العطف لأجل اختلاف القيود ، فتكون تلك المغايرة مصححة العطف ، كقول مُرة بن عَداء الفقعسي :
فَهَلاّ أعدُّوني لِمثلي تفاقدوا ... إذا الخصم أبْزى مائلُ الرأس أنكبُ
وهلا أعدوني لِمثلي تفاقدوا ... وفي الأرض مبثوث شُجاع وعقربُ
فالخرور المحكي بالجملة الثانية هو الخرور الأول ، وإنما خروا خروراً واحداً ساجدين باكين ، فذكر مرتين اهتماماً بما صحبه من علامات الخشوع .
وذكر { يبكون } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة .
والبكاء بكاء فرح وبهجة . والبكاء : يحصل من انفعال باطني ناشىء عن حزن أو عن خوف أو عن شوق .
ويزيدهم القرآن خشوعاً على خشوعهم الذي كان لهم من سماع كتابهم .
ومن السنة سجود القارىء والمستمع له بقصد هذه الآية اقتداء بأولئك الساجدين بحيث لا يذكر المسلم سجود أهل الكتاب عند سماع القرآن إلا وهو يرى نفسه أجدر بالسجود عند تلاوة القرآن .