ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)
وجملة { ادْخُلوا أبْوَابَ جَهَنَّم } يجوز أن تكون استنئافاً بيانياً لأنهم لما سمعوا التقريع والتوبيخ وأيقنوا بانتفاء الشفيع ترقبوا ماذا سيؤمر به في حقهم فقيل لهم { أدْخُلوا أبوَابَ جهنَّم } ، ويجوز أن تكون بدل اشتمال من جملة { ذلكم بِمَا كنتم تفرحون } الخ ، فإن مدلول اسم الإِشارة العذابُ المشاهد لهم وهو يشتمل على إدخالهم أبواب جهنم والخلودَ فيها .
ودخول الأبواب كناية عن الكون في جهنم لأن الأبواب إنما جعلت ليسلك منها إلى البيت ونحوه . و { خالدين } حال مقدرة ، أي مقدراً خلودكم .
وفرع عليه { فَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكبرين } ، والمخصوص بالذم محذوف لأنه يدل عليه ذكر جهنم أي فبئس مثوى المتكبرين جهنمُ ، ولم يتصل فعل ( بئس ) بتاء التأنيث لأن فاعله في الظاهر هو { مثوى } لأن العبرة بإسناد فعل الذم والمدح إلى الاسم المذكور بعدهما ، وأما اسم المخصوص فهو بمنزلة البيان بعد الإِجمال فهو متبدأ خبره محذوف أو خبرُ مبتدإٍ محذوف ، ولذلك عدّ باب نعم وبئس من طرق الإِطناب .
والمثوى : محل الثواء ، والثواء : الإِقامة الدائمة ، وأوثر لفظ { مثوى } دون ( مُدخل ) المناسببِ ل { ادخلوا } لأن المثوى أدل على الخلود فهو أولى بمساءتِهم .
والمراد بالمتكبرين : المخاطبون ابتداء لأنهم جادلوا في آيات الله عن كِبْر في صدورهم كما قال تعالى : { إنَّ الذين يجادلون في ءاياتت الله بِغَير سلطانن أتاهم إن في صُدُورهم إلاَّ كِبْرٌ مَا هُم ببالغيه } [ غافر : 56 ] ولأن تكبرهم من فرحهم .
وإنما عدل عن ضميرهم إلى الاسم الظاهر وهو { المتكبرين } للإِشارة إلى أن من أسباب وقوعهم في النار تكبرهم على الرسل . وليكون لكل موصوف بالكِبْر حظ من استحقاق العقاب إذا لم يتُب ولم تغلب حسناته على سيئاته إن كان من أهل الإِيمان .