وجملة { وليحكم } معطوفة على { آتيناه } . وقرأ الجمهور { ولْيحكم } بسكون اللاّم وبجزم الفعل على أنّ اللام لام الأمر . ولا شكّ أنّ هذا الأمر سابق على مجيء الإسلام ، فهو ممّا أمر الله به الّذين أرسل إليهم عيسى من اليهود والنّصارى ، فعلم أنّ في الجملة قولاً مقدّراً هو المعطوف على جملة { وآتيناه الإنجيل } ، أي وآتيناه الإنجيل الموصوف بتلك الصّفات العظيمة ، وقلنا : ليحكم أهل الإنجيل ، فيتمّ التّمهيد لقوله بعده { ومن لم يحكم بما أنزل الله } ، فقرائن تقدير القول مُتظافِرة من أمور عدّة .
وقرأ حمزة بكسر لام { ليحكم } ونصب الميم على أنّ اللام لام كي للتّعليل ، فجملة { ليحكم } على هذه القراءة معطوفة على قوله { فيه هدى } الخ ، الّذي هو حال ، عُطفتتِ العلّة على الحال عطفاً ذِكرياً لا يشرِّك في الحكم لأنّ التّصريح بلام التّعليل قرينة على عدم استقامة تشريك الحكم بالعطف فيكون عطفه كعطف الجمل المختلفة المعنى . وصاحب «الكشاف» قدّر في هذه القراءة فعلاً مَحذوفاً بعد الواو ، أي وآتيناه الإنجيل ، دلّ عليه قوله قبله { وآتيناه الإنجيل } ، وهو تقدير معنى وليس تقدير نظم الكلام .
والمراد بالفاسقين الكافرون ، إذ الفسق يطلق على الكفر ، فتكون على نحو ما في الآية الأولى . ويحتمل أنّ المراد به الخروج عن أحكام شرعهم سواء كانوا كافرين به أم كانوا معتقدين ولكنّهم يخالفونه فيكون ذمّاً للنصارى في التّهاون بأحكام كتابهم أضعفَ من ذمّ اليهود .