ومعنى { أريد } : أريد من إمساكي عن الدفاع . وأطلقت الإرادة على العزم كما في قوله تعالى : { قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيّ هاتين } [ القصص : 27 ] ، وقوله : { يريد الله بكم اليسر } [ البقرة : 185 ] . فالجملة تعليل للّتي قبلها ، ولذلك فصلت وافتتحت ب ( إنّ ) المشعرة بالتَّعليل بمعنى فاء التفريع .
و { تبوء } ترجع ، وهو رجوع مجازي ، أي تكتسب ذلك من فعلك ، فكأنّه خرج يسعى لنفسه فباء بإثمين . والأظهر في معنى قوله { بإثمي } مَا له من الآثام الفارطة في عمره ، أي أرجو أن يغفر لي وتُحمل ذنوبي عليك . وفي الحديث : " يؤتى بالظالم والمظلوم يوم القيامة فيؤخذ من حسنات الظالم فيزاد في حسنات المظلوم حتّى ينتصف فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيّئات المظلوم فتطرح عليه " رواه مسلم . فإن كان قد قال هذا عن علم من وحي فقد كان مثل ما شُرع في الإسلام ، وإن كان قد قاله عن اجتهاد فقد أصاب في اجتهاده وإلهامه ونطق عن مثل نُبوءة .
ومصدر { أن تبوء } هو مفعول { أريد } ، أي أريد من الإمساك عن أن أقتلك إن أقدمت على قتلي أريد أن يقع إثمي عليك ، فإثم مراد به الجنس ، أي ما عسى أن يكون له من إثم . وقد أراد بهذا موعظة أخيه ، ولذلك عطف عليه قوله : { وإثمك } تذكيراً له بفظاعة عاقبة فعلته ، كقوله تعالى : { ليحملُوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علم } [ النحل : 25 ] . فعطفُ قوله : { وإثمك } إدماج بذكر ما يحصل في نفس الأمر وليس هو ممّا يريده . وكذلك قوله : { فنكون من أصحاب النار } تذكيراً لأخيه بما عسى أن يكفّه عن الاعتداء . ومعنى { من أصحاب النّار } أي ممّن يطول عذابه في النّار ، لأنّ أصحاب النّار هم ملازموهَا .