فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فجملة { فحشر } عطف على جملة { يسعى } لأن فرعون بذل حرصه ليقنع رعيته بأنه الربُّ الأعلى خشية شيوع دعوة موسى لعبادة الرب الحق . :
ويجوز أن يكون { أدبر } على حقيقته ، أي ترك ذلك المجمع بأن قام معرضاً إعلاناً بغضبه على موسى ويكون { يسعى } مستعملاً في حقيقته أيضاً ، أي قام يشتدّ في مشيه وهي مشية الغاضب المعرض .
والحشر : جمع الناس ، وهذا الحشر هو المبيّن في قوله تعالى :
{ قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم } [ الشعراء : 36 ، 37 ] .
وحذف مفعول ( حشر ) لظهوره لأن الذين يحشرون هم أهل مدينته من كل صنف .
وعطف { فنادى } بالفاء لإِفادة أنه أعلن هذا القول لهم بفور حضورهم لفرط حرصه على إبلاغ ذلك إليهم .
والنداء : حقيقته جهر الصوت بدعوة أحد ليحضر ولذلك كانت حروف النداء نائبة مناب ( أدعو ) فنصبَت الاسم الواقع بعدها . ويطلق النداء على رفع الصوت دون طلب حضور مجازاً مرسلاً بعلاقة اللزوم كقول الحريري في «المقامة الثلاثين» «فحِين جلس كأنه ابنُ ماءِ السماء ، نادَى مُنادٍ من قِبَل الأحماء» الخ .
وحذف مفعول ( نادى ) كما حذف مفعول ( حشر ) .
وإسناد الحشر والنداء إلى فرعون مجاز عقلي لأنه لا يباشر بنفسه حشر الناس ولا نداءهم ولكن يأمر أتباعه وجنده ، وإنما أسند إليه لأنه الذي أمر به كقولهم : بنَى المنصور بغداد .
والقول الذي نادى به هو تذكير قومِه بمعتقدهم فيه فإنهم كانوا يعتبرون مَلك مصر إلها لأن الكهنة يخبرونهم بأنه ابن ( آمون رَعْ ) الذي يجعلونه إلها ومَظهَره الشمس .
وصيغة الحصر في { أنا ربكم } لردّ دعوة موسى .