قوله تعالى ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون
قوله تعالى ولو أن لكل نفس ظلمت أي أشركت وكفرت ما في الأرض أي ملكا لافتدت به أي من عذاب الله ، يعني ولا يقبل منها ; كما قال : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به وقد تقدم
قوله تعالى وأسروا الندامة أي أخفوها ; يعني رؤساءهم ، أي أخفوا ندامتهم عن أتباعهم . وقيل : أسروا أظهروا ، والكلمة من الأضداد ، ويدل عليه أن الآخرة ليست دار تجلد وتصبر . وقيل : وجدوا ألم الحسرة في قلوبهم ; لأن الندامة لا يمكن إظهارها . قال كثير :
فأسررت الندامة يوم نادى برد جمال غاضرة المنادي
وذكر المبرد فيه وجها ثالثا : أنه بدت بالندامة أسرة وجوههم ، وهي تكاسير الجبهة ، واحدها سرار . والندامة : الحسرة لوقوع شيء أو فوت شيء ، وأصلها اللزوم ; ومنه النديم لأنه يلازم المجالس . وفلان نادم سادم . والسدم اللهج بالشيء . وندم وتندم بالشيء أي اهتم به . قال الجوهري : السدم " بالتحريك " الندم والحزن ; وقد سدم بالكسر أي اهتم وحزن ورجل نادم سادم ، وندمان سدمان ; وقيل : هو إتباع . وما له هم ولا سدم إلا ذلك . وقيل : الندم مقلوب الدمن ، والدمن اللزوم ; ومنه فلان مدمن الخمر . والدمن : ما اجتمع في الدار وتلبد من الأبوال والأبعار ; سمي به للزومه . والدمنة : الحقد الملازم للصدر ، والجمع دمن . وقد دمنت قلوبهم بالكسر ; يقال : دمنت على فلان أي ضغنت .
وقضي بينهم بالقسط أي بين الرؤساء والسفل بالعدل وهم لا يظلمون .