تنوير - Tanweer   سورة  الأعراف الأية 118


سورة Sura   الأعراف   Al-A'raaf
حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) ۞ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)
الصفحة Page 164
فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)

وقوله { فوقع الحق } تفريع على { تلقّف ما يأفكون }. والوقوع حقيقته سقوط الشيء من أعلى إلى الأرض ، ومنه : وقَع الطائر ، إذا نَزَل إلى الأرض ، واستعير الوقوع لظهور أمر رفيع القدر ، لأن ظهوره كان بتأييد الهي فشبه بشيء نزل من علو ، وقد يطلق الوقوع على الحصول لأن الشيء الحاصل يشبه النازل على الأرض ، وهي استعارة شائعة قال تعالى : { وإن الدين لَواقع } [ الذاريات : 6 ] أي : حاصل وكائن ، والمعنى فظهر الحق وحصل .

ولعل في اختيار لفظ ( وقع ) ، هنا دون ( نزل ) مراعاة لفعل الإلقاء لأن الشيء الملقَى يقع على الأرض فكانَ وقوع العصا على الأرض وظهور الحق مقترنين .

و { الحق } : هو الأمر الثابت الموافق للبرهان ، وضده الباطل ، والحق هنا أريد به صدق موسى وصحة معجزته وكون ما فعلته العصا هو من صنع الله تعالى ، وأثَرِ قدرته .

و { بطل } : حقيقته اضمحل . والمراد : اضمحلال المقصود منه وانتفاء أثَرٍ مزعوم لشيء يقال : بطَل سعيه ، أي : لم يأت بفائدة ، ويقال : بطَل عمله ، أي : ذهب ضياعاً وخُسر بلا أجر ، ومنه قوله تعالى : { ويُبْطلُ الباطلَ } [ الأنفال : 8 ] أي : يزيل مفعوله وما قصدوه منه ، فالباطل هو الذي لا فائدة فيه ، أو لا خير فيه ، ومنه سمي ضد الحق باطلاً لأنه شيء لا يحصل منه الأثر المرجو ، وهو القبول لدى العقول المستقيمة .

وشاع هذا الإطلاق حتى صار الباطل كالاسم الجامد ، مدلوله هو ضد الحق ، ويطلق الباطل اسمَ فاعل من بطَل ، فيساوي المصدر في اللفظ ، ويتعين المراد منهما بالقرينة ، فصوغ فعل بطل يكون مشتقاً من المصدر وهو البطلان ، وقد يكون مشتقاً من الاسم وهو الباطل . فمعنى { بطل } حينئذٍ وُصف بأنه باطل مثل فَهِد وأسد ، ويصح تفسيره هنا بالمعنيين ، فعلى الأول يكون المعنى : وانتفت حينئذٍ آثار ما كانوا يعملون ، وعلى الثاني يكون المعنى : واتصف ما يعملون بأنه باطل ، وعلى هذا الوجه يتعين أن يكون المراد من الفعل معنى الظهور لا الحدوث ، لأن كون ما يعملونه باطلاً وصف ثابت له من قبللِ أن يُلقيَ موسى عصاه ، ولكن عند إلقاء العصا ظهر كونه باطلاً ، ويبعّد هذا أن استعمال صيغة الفعل في معنى ظهور حدثه لا في معنى وجوده وحدوثه ، خلافُ الأصل فلا يصار إليه بلا دَاع .

وأما من فسر { بطل } بمعنى : العدم . وفسر { ما كانوا يعملون } بحبال السحرة وعصيهم ففي تفسيره نبُو عن الاستعمال ، وعن المقام .

وزيادة قوله : { وبطل ما كانوا يعملون } بعد قوله : { فوقع الحق } تقرير لمضمون جملة { فوقع الحق } لتسجيل ذم عملهم ، ونداءٌ بخيبتهم ، تأنيساً للمسلمين وتهديداً للمشركين وللكافرين أمثالها .

و { ما كانوا يعملون } هو السحر ، أي : بطلت تخيلات الناس أن عصي السحرة وحبالهم تسعى كالحيات ، ولم يعبّر عنه بالسحر إشارة إلى أنه كان سحراً عجيباً تكلفوا له وأَتوا بمنتهى ما يعرفونه .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022