مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) وجملة { من أي شيء خلقه } بيان لجملة { قتل الإنسان ما أكفره } ، لأن مفاد هذه الجملة الاستدلال على إبطال إحالتهم البعث وذلك الإِنكار من أكبر أصول كفرهم .
وجيء في هذا الاستدلال بصورة سؤال وجواب للتشويق إلى مضمونه ، ولذلك قرن الاستفهام بالجواب عنه على الطريقة المتقدمة في قوله تعالى : { عم يتساءلون عن النبأ العظيم } [ النبأ : 1 2 ] .
والاستفهام صوري ، وجعل المستفهم عنه تعيين الأمر الذي به خلق الإنسان لأن المقام هنا ليس لإِثبات أن الله خلق الإِنسان ، بل المقام لإِثبات إمكان إعادة الخلق بتنظيره بالخلق الأول على طريقة قوله تعالى : { أفعيينا بالخلق الأول } [ ق : 15 ] أي كما كان خلق الإنسان أول مرة من نطفة يكون خلقه ثاني مرة من كائن مَّا ، ونظيره قوله تعالى : { فلينظر الإِنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر } في سورة الطارق ( 5 8 ) .
والضمير المستتر في قوله : خلقه } عائد إلى لله تعالى المعلوم من فعل الخلق لأن المشركين لم يكونوا ينكرون أن الله خالق الإنسان .