ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)
فدَخِّنُوا المَرْءَ وسِرْبَالَه ... وجملة : { ثم إذا شاء أنشره } رجوع إلى إثبات البعث وهي كالنتيجة عقب الاستدلال . ووقع قوله : { إذا شاء } معترضاً بين جملة { أماته } وجملة : { أنشره } لرد توهم المشركين أن عدم التعجيل بالبعث دليل على انتفاء وقوعه في المستقبل و ( إذا ) ظرف للمستقبل ففعل المضي بعدها مؤول بالمستقبل .
والمعنى : ثم حين يشاء ينشره ، أي ينشره حين تتعلق مشيئته بإنشاره .
و { أنشره } بعثه من الأرض وأصل النشر إخراج الشيء المخبأ يقال : نشر الثوب ، إذ أزال طيّه ، ونشر الصحيفة ، إذا فَتحها ليقرأها . ومنه الحديث : « فنشروا التوراة » .
وأما الإِنشار بالهمز فهو خاص بإخراج الميت من الأرض حيّاً وهو البعث ، فيجوز أن يقال : نُشِر الميت ، والعَرب لم يكونوا يعتقدون إحياء الأموات إلا أن يكونوا قد قالوه في تخيلاتهم التوهمية . فيكون منه قول الأعشى
: ... حتى يقول الناس ممّا رأوا
يا عَجَباً للْمَيِّتتِ النَّاشِر ... ولذلك قال الله تعالى : { ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } [ هود : 7 ] .
وفي قوله : { إذا شاء } ردّ لشبهتهم إذ كانوا يطلبون تعجيل البعث تحدياً وتهكماً ليجعلوا عدم الاستجابة بتعجيله دليلاً على أنه لا يكون ، فأعلمهم الله أنه يقع عندما يشاء الله وقوعه لا في الوقت الذي يسألونه لأنه موكول إلى حكمة الله ، واستفادة إبطال قولهم من طريق الكناية .