قال قتادة ، وعطاء ، والحسن : نزلت هذه الآية في اليهود ، وعليه فالموصول بمعنى لام العهد ، فاليهود بعد أن آمنوا بموسى كفروا بعيسى وازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم
وقيل أريد به اليهود والنصارى : فاليهود كما علمتَ ، والنصارى آمنوا بعيسى ثم كفروا فعبدوه وألهوه ثم ازدادوا كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم
وتأويل { لن تقبل توبتهم } إما أنه كناية عن أنهم لا يتوبون فتقبَل توبتهم كقوله تعالى : { ولا يقبل منها شفاعة } [ البقرة : 48 ] أي لا شفاعة لها فتقبل وهذا كقول امرىء القيس
. ... على لاَ حب لا يُهتدَى بمناره
أي لا منار له ، إذ قد علم من الأدلة أنّ التوبة مقبولة ودليله الحصر المقصود به المبالغة في قوله : { وأولئك هم الضالون } . وإمَّا أنّ الله نهى نبيه عن الاغترَار بما يظهرونه من الإسلام نفاقاً ، فالمراد بعدم القبول عدم تصديقهم في إيمانهم ، وإما الإخبار بأنّ الكفر قد رسخ في قلوبهم فصار لهم سجية لا يحولون عنها ، فإذا أظهروا التوبة فهم كاذبون ، فيكون عدم القبول بمعنى عدم الاطمئنان لهم ، وأسرارُهم موكولة إلى الله تعالى . وقد أسلم بعض اليهود قبل نزول الآية : مثل عبد الله بن سلام ، فلا إشكال فيه ، وأسلم بعضهم بعد نزول الآية .
وقيل المراد الذين ارتدّوا من المسلمين وماتوا على الكفر ، فالمراد بالازدياد الاستمرار وعدم الإقلاع . والقول في معنى لن تقبل توبتهم كما تقدم . وعليه يكون قوله : { إن الذين كفروا وماتوا } توكيداً لفظياً بالمرادف ، ولِيُبْنى عليه التفريع بقوله : { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً } وأياماً كان فتأويل الآية مُتعين : لأنّ ظاهرها تعارضه الأدلة القاطعة على أنّ إسلام الكافر مقبول ، ولو تكرّر منه الكفر ، وأنّ توبة العُصاة مقبولة ، ولو وقع نقضها على أصح الأقوال وسيجيء مثل هذه الآية في سورة النساء ( 137 ) وهو قوله : { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن اللَّه ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً . }