تنوير - Tanweer   سورة  آل عمران الأية 4


سورة Sura   آل عمران   Aal-Imran
آل عمران Aal-Imran
الم (1) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)
الصفحة Page 50
مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (4)

و { مِنْ قَبْلُ } يتعلّق { بأنْزَلَ } ، والأحسن أن يكون حالاً أولى من التوراة والإنجيل ، و «هُدَى» حال ثانية . والمُضافُ إليه قبلُ محذوف مَنويُّ مَعْنَى ، كما اقتضاه بناء قبل على الضم ، والتقدير من قبل هذا الزمان ، وهو زمان نزول القرآن .

وتقديم { مِنْ قبلُ } على { هدَى للناس } للاهتمام به .

وأما ذكر هذا القيد فلكي لا يتوهّم أنّ هُدى التوراةِ والإنجيللِ مستمرّ بعد نزول القرآن . وفيه إشارة إلى أنّها كالمقدّمات لِنزول القرآن ، الذي هو تمام مراد الله من البشر { إنّ الدينَ عند الله الإسلام } [ آل عمران : 19 ] فالهدى الذي سبقه غير تام .

و { للناس } تعريفه إمّا للعهد : وهم الناس الذي خوطبوا بالكتابين ، وإمّا للاستغراق العُرفي : فإنّهما وإن خوطب بهما ناس معروفون ، فإنّ ما اشتملا عليه يَهتدي به كلّ من أراد أن يهتدي ، وقد تهوّد وتنصّر كثير ممّن لم تشملهم دعوة موسى وعيسى عليهما السلام ، ولا يدخل في العموم الناسُ الذين دعاهم محمد صلى الله عليه وسلم لأنّ القرآن أبطل أحكام الكتابين ، وأما كون شرع مَنْ قَبْلَنَا شرعاً لنا عند معظم أهل الأصول ، فذلك فيما حكاه عنهم القرآن لا ما يوجد في الكتابين ، فلا يستقيم اعتبار الاستغراق بهذا الاعتبار بل بما ذكرناه .

والفرقان في الأصل مصدر فرَق كالشُكران والكُفران والبُهتان ، ثم أطلق على ما يُفرق به بين الحق والباطل قال تعالى : { وما أنزلنا على عبدنا يومَ الفرقان } [ الأنفال : 41 ] وهو يوم بدر . وسمّي به القرآنُ قال تعالى : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده } [ الفرقان : 1 ] والمرادبالفرقان هنا القرآن؛ لأنّه يفرق بين الحق والباطل ، وفي وصفه بذلك تفضيل لِهديه على هدى التوراة والإنجيل؛ لأنّ التفرقة بين الحق والباطل أعظم أحوال الهدي ، لما فيها من البرهان ، وإزالة الشبهة . وإعادةُ قوله : { وأنزل الفرقان } بعد قوله : { نزل عليك الكتاب بالحق } للاهتمام ، وليُوصَل الكلام به في قوله : { إن الذين كفروا بآيات اللَّه } [ آل عمران : 4 ] الآية أي بآياته في القرآن .

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ بأيات الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والله عَزِيزٌ ذُو انتقام .}

استئناف بياني مُمَهّد إليه بقوله : { نزل عليك الكتاب بالحق } لأنّ نفس السامع تتطلّع إلى معرفة عاقبة الذين أنكروا هذا التنزيل .

وشَمل قولُه : { الذين كفروا بآيات الله } المشركينَ واليهودَ والنصارى في مرتبة واحدة ، لأنّ جميعهم اشتركوا في الكفر بالقرآن ، وهو المراد بآيات الله هنا لأنّه الكتاب الوحيد الذي يصح أن يوصف بأنّه آيةٌ من آيات الله؛ لأنّه مُعجزة . وعبّر عنهم بالموصول إيجازاً؛ لأنّ الصلة تجمعهم ، والإيماء إلى وجه بناء الخَبَر وهو قوله : { لهم عذاب شديد .}

وعطف قوله : { والله عزيز ذو انتقام } على قوله : { إن الذين كفروا بآيات الله } لأنّه من تكملة هذا الاستئناف : لمجيئه مجيء التبيين لشدّة عذابهم؛ إذ هو عذابٌ عزيزٍ منتقم كقوله : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } [ القمر : 42 ] .

( والعزيز تقدم عند قوله تعالى في سورة البقرة ( 209 ) : { فاعلموا أن اللَّه عزيز حكيم . } والانتقام : العقاب على الاعتداء بغضب ، ولذلك قيل للكاره : ناقم . وجيء في هذا الوصف بكلمة ( ذو ) الدالة على المِلك للإشارة إلى أنّه انتقام عن اختيار لإقامة مصالح العباد وليس هو تعالى مندفعاً للانتقام بدافع الطبع أو الحنق .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022