وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ عطف { لوطاً } على { صالحاً } في قوله السابق { ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً } [ النمل : 45 ] . ولا يمنع من العطف أن العامل في المعطوف تعلق به قوله : { إلى ثمود } لأن المجرور ليس قيداً لمتعلَّقه ، ولكنه كواحد من المفاعيل فلا ارتباط له بالمعطوف على مفعول آخر . فإن الإتْباع في الإعراب يميز المعطوف عليه من غيره . وقد سبق نظير هذا في سورة الأعراف . ولم يُذكر المرسل إليهم هنا كما ذكر في قصة ثمود لعدم تمام المشابهة بين قوم لوط وبين قريش فيما عدا التكذيب والشرك . ويجوز أن ينصب { ولوطاً } بفعل مقدّر تقديره : واذكر لوطاً ، لأن وجود { إذ } بعده يقربه من نحو : { وإذ قال ربّك للملائكة } [ البقرة : 30 ] .
وتعقيب قصة ثمود بقصة قوم لوط جار على معتاد القرآن في ترتيب قصص هذه الأمم ، فإن قوم لوط كانوا متأخرين في الزمن عن ثمود .
وإنما الذي يستثير سؤالاً هنا هو الاقتصار على قصة قوم لوط دون قصة عاد وقصة مدين . وقد بينته آنفاً أنه لمناسبة مجاورة ديار قوم لوط لمملكة سليمان ووقوعها بين ديار ثمود وبين فلسطين وكانت ديارهم ممرّ قريش إلى بلاد الشام ، قال تعالى { وإنها لبسبيل مقيم } [ الحجر : 76 ] وقال { وإنكم لتَمُرُّون عليهم مُصْبِحين وبالليل أفلا تعقلون } [ الصافات : 137 ، 138 ] .
وظرف { إذ } يتعلق ب ( أرسلنا ) أو ب ( اذكر ) المقدّرْين . والاستفهام في { أتأتون } إنكاري .
وجملة : { وأنتم تبصرون } حالٌ زيادة في التشنيع ، أي تفعلون ذلك علَناً يبصر بعضكم بعضاً ، فإن التجاهر بالمعصية معصية لأنه يدل على استحسانها وذلك استخفاف بالنواهي .