وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73)
موقع هذا موقع الاستدراك على قوله { عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون } [ النمل : 72 ] أي أن تأخير العذاب عنهم هو من فضل الله عليهم . وهذا خبر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم تنبيهاً على أن تأخير الوعيد أثر من آثار رحمة الله لأن أزمنة التأخير أزمنة إمهال فهم فيها بنعمة ، لأن الله ذو فضل على الناس كلهم . وقد كنا قدمنا مسألة أن نعمة الكافر نعمة حقيقية أو ليست نعمة والخلاف في ذلك بين الأشعري والماتريدي .
والتعبير ب { ذو فضل } يدل على أن الفضل من شؤونه . وتنكير { فضل } للتعظيم . والتأكيد ب { إن } واللام منظور فيه إلى حال الناس لا إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم فالتأكيد واقع موقع التعريض بهم بقرينة قوله { ولكن أكثرهم لا يشكرون } .
و { لكن } استدراك ناشىء عن عموم الفضل منه تعالى فإن عمومه وتكرره يستحق بأن يعلمه الناس فيشكروه ولكن أكثر الناس لا يشكرون كهؤلاء الذين قالوا { متى هذا الوعد } [ النمل : 71 ] فإنهم يستعجلون العذاب تهكماً وتعجيزاً في زعمهم غير قادرين قدر نعمة الإمهال .