قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)
تقدم عند قوله : { فقال أحطت بما لم تحط به } [ النمل : 22 ] بيان وجه تطلب سليمان تحقيق صدق خبر الهدهد . والنظر هنا نظر العقل وهو التأمُّل ، لا سيما وإقحام { كنتَ } أدخل في نسبته إلى الكذب من صيغة { أَصدقت } لأن فعل { كنتَ من الكاذبين } يفيد الرسوخ في الوصف بأنه كائن عليه . وجملة : { من الكاذبين } أشدّ في النسبة إلى الكذب بالانخراط في سلك الكاذبين بأن يكون الكذب عادة له . وفي ذلك إيذان بتوضيح تهمته بالكذب ليتخلص من العقاب ، وإيذان بالتوبيخ والتهديد وإدخال الروع عليه بأنَّ كذبه أرجح عند الملك ليكون الهدهد مغلِّباً الخوف على الرجاء ، وذلك أدخل في التأديب على مثل فعلته وفي حرصه على تصديق نفسه بأن يبلغ الكتاب الذي يرسله معه .