وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) والتذكير بأن يذكروا ما يغفلون عنه من قدرة الله تعالى عليهم ، ومن تنظير حالهم بحال الأمم التي استأصلها الله تعالى فلا يتعظوا بذلك عناداً فأطلق { لاَ يَذْكُرُونَ } على أثر الفعل ، أي لا يحصل فيهم أَثَر تذكُّر ما يذكَّرون به وإن كانوا قد ذَكروا ذلك .
ويجوز أن يراد لا يذكرون ما ذكروا به ، أي لشدة إعْراضهم عن التأمل فيما ذكِّروا به لاستقرار ما ذُكّروا به في عقولهم فلا يذكرون ما هم غافلون عنه ، على حد قوله تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام } [ الفرقان : 44 ] .
و { وإذَا رَأوْا ءَايَةً } أي خارق عادة أظهره الرسول صلى الله عليه وسلم دالاً على صدقه لأن الله تعالى لا يغير نظام خلقته في هذا العالم إلا إذا أراد تصديق الرسول لأن خرق العادة من خالق العادات وناظم سنن الأكوان قائم مقام قوله : صدق هذا الرسول فيما أخبر به عني . وقد رأوا انشقاق القمر ، فقالوا : هذا سحر ، قال تعالى : { اقتربت الساعة وانشقّ القمر وإن يروا آية يُعرِضوا ويقولوا سحر مستمر } [ القمر : 1 ، 2 ] .
و { يَسْتَسْخِرُونَ } مبالغة في السخرية فالسين والتاء للمبالغة كقوله : { فاستجاب لهم ربهم } [ آل عمران : 195 ] وقوله : { فاستمسِك بالذي أوحي إليك } [ الزخرف : 43 ] .