إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) وعطف { فاستكبروا } بفاء التعقيب يفيد أنهم لم يتأملوا الدعوة والآيات والحجة ولكنهم أفرطوا في الكبرياء ، فالسين والتاء للتوكيد ، أي تكبروا كبرياء شديدة بحيث لم يعيروا آيات موسى وحجته أذناً صاغية .
وجملة { وكانوا قوماً عالين } معترضة بين فعل { استكبروا } وما تفرع عليه من قوله { فقالوا } في موضع الحال من فرعون وملئه ، أي فاستكبروا بأن أعرضوا عن استجابة دعوة موسى وهارون وشأنهم الكبرياء والعلو ، أي كان الكبر خلقهم وسجيتهم . وقد بينا عند قوله تعالى : { لآياتتٍ لقوم يعقلون } في سورة البقرة ( 164 ) أن إجراء وصف على لفظ ( قوم ) أو الإخبار بلفظ ( قوم ) متبوع باسم فاعل إنما يقصد منه تمكن ذلك الوصف من الموصوف بلفظ ( قوم ) أو تمكنه من أولئك القوم . فالمعنى هنا : أن استكبارهم على تلقي دعوة موسى وآياته وحجته إنما نشأ عن سجيتهم من الكبر وتطبعهم . فالعلو بمعنى التكبر والجبروت . وسيجيء بيانه عند قوله : { إن فرعون علا في الأرض } في سورة القصص ( 4 ) .