فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)
انتقال بالكلام إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم وضمير الجمع عائد إلى معروف من السياق وهم مشركو قريش فإنهم من جملة الأحزاب الذين تقطعوا أمرهم بينهم زبراً ، أو هم عينهم : فمنهم من اتخذ إلهه العزى . ومنهم من اتخذ مناة ، ومنهم من اتخذ ذا الخلصة إلى غير ذلك .
والكلام ظاهره المتاركة ، والمقصود منه الإملاء لهم وإنذارهم بما يستقبلهم من سوء العاقبة في وقت ما . ولذلك نكر لفظ { حين } المجعول غاية لاستدراجهم ، أي زمن مبهم ، كقوله : { لا تأتيكم إلا بغتة } [ الأعراف : 187 ] .
والغمرة حقيقتها : الماء الذي يغمر قامة الإنسان بحيث يغرقه . وتقدم في قوله تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت } في سورة الأنعام ( 93 ) . وإضافتها إلى ضميرهم باعتبار ملازمتها إياهم حتى قد عرفت بهم ، وذلك تمثيل لحال اشتغالهم بما هم فيه من الازدهار وترف العيش عن التدبر فيما يدعوهم إليه الرسول لينجيهم من العقاب بحال قوم غمرهم الماء فأوشكوا على الغرق وهم يحسبون أنهم يَسْبحون .