اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) لما أظهر الله لهُ الآيتين فعلم بذلك أنه مؤيّد من الله تعالى ، أمره الله بالأمر العظيم الذي من شأنه أن يُدخل الرّوع في نفس المأمور به وهو مواجهة أعظم ملوك الأرض يومئذ بالموعظة ومكاشفته بفساد حاله ، وقد جاء في الآيات الآتية : { قالا ربّنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } [ طه : 45 ، 46 ].
والذهاب المأمور به ذهاب خاص ، قد فهمه موسى من مقدمات الإخبار باختياره ، وإظهار المعجزات له ، أو صرح له به وطوي ذكره هنا على طريقة الإيجاز ، على أنّ التّعليل الواقع بعده ينبىء به .
فجملة { إنه طَغَى } تعليل للأمر بالذهاب إليه ، وإنما صلحت للتعليل لأن المراد ذهاب خاص ، وهو إبلاغ ما أمر الله بإبلاغه إليه من تغييره عما هو عليه من عبادة غير الله . ولما علم موسى ذلك لم يبادر بالمراجعة في الخوف من ظلم فرعون ، بل تلقى الأمر وسأل الله الإعانة عليه ، بما يؤول إلى رباطة جأشه وخلق الأسباب التي تعينه على تبليغه ، وإعطائه فصاحة القول للإسراع بالإقناع بالحجة .
وحكي جواب موسى عن كلام الرب بفعل القول غير معطوف جرياً على طريقة المحاورات .
ورتّب موسى الأشياء المسؤولة في كلامه على حسب ترتيبها في الواقع على الأصل في ترتيب الكلام ما لم يكن مقتض للعدل عنه .