وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) الجملة في موضع الحال من ضمير { أفلا يرون } [ طه : 89 ] على كلا الاحتمالين ، أي كيف لا يستدلّون على عدم استحقاق العجل الإلهيّة ، بأنه لا يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضرّاً ولا نفعاً فيقلعون عن عبادة العجل ، وتلك دلالة عقلية ، في حال أنّ هارون قد وعظهم ونبههم إلى ذلك إذ ذكّرهم بأنه فتنة فتنهم بها السامريّ ، وأن ربّهم هو الرحمان لا ما لا يملك لهم نفعاً فضلاً عن الرحمة ، وأمرهم بأن يتبعوا أمره ، وتلك دلالة سمعيّة .
وتأكيد الخبر بحرف التحقيق ولام القسم لتحقيق إبطال ما في كتاب اليهود من أن هارون هو الذي صنَع لهم العِجل ، وأنه لم ينكر عليهم عبادته . وغاية الأمر أنه كان يستهزىء بهم في نفسه ، وذلك إفك عظيم في كتابهم .
والمضاف إليه ( قبلُ ) محذوف دل عليه المقام ، أي من قبللِ أن يرجعَ إليهم موسى وينكر عليهم .
وافتتاح خطابه ب { يا قوم تمهيد لمقام النصيحة . ومعنى إنَّمَا فُتِنْتُم بِه } : ما هو إلاّ فتنة لكم وليس ربّاً ، وإن ربّكم الرحمان الذي يرحمكم في سائر الأحوال ، فأجابوه بأنّهم لا يزالون عاكفين على عبادته حتى يرجع موسى فيصرّح لهم بأن ذلك العجل ليس هو ربّهم .