وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) عطفٌ على جملة { اسْرِ بعبادي } [ طه : 77 ] الواقعة تفسيراً لفعل { أوحينا إلى موسى } [ طه : 77 ] ، فقوله { ومَا أعْجَلَكَ عَن قومِكَ } هو مما أوحى الله به إلى موسى . والتقدير : وأنْ : ما أعجلك الخ . وهو إشارة إلى ما وقع لهم أيام مناجاة موسى في الطور في الشهر الثالث لخروجهم من مصر . وهذا الجزء من القصة لم يذكر في سورة الأعراف .
والإعجال : جعْل الشيء عاجلاً .
والاستفهام مستعمل في اللّوْم . والذي يؤخذ من كلام المفسرين وتشير إليه الآية : أنّ موسى تعجّل مفارقة قَومه ليحضر إلى المناجاة قبل الإبّان الذي عيّنه الله له ، اجتهاداً منه ورغبة في تلقي الشريعة حسبما وعده الله قبل أن يحيط بنو إسرائيل بجبل الطور ، ولم يراع في ذلك إلا السبق إلى ما فيه خير لنفسه ولقومه ، فلامه الله على أن غفل عن مراعاة ما يحفّ بذلك من ابتعاده عن قومه قبل أن يوصيهم الله بالمحافظة على العهد ويحذّرهم مكر من يتوسّم فيه مكراً ، فكان في ذلك بمنزلة أبي بكر حين دخل المسجد فوجد النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً فركع ودَبّ إلى الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم « زادك الله حرصاً ولا تَعُدْ »
وقريبٌ من تصرّف موسى عليه السلام أخذُ المجتهد بالدليل الذي له معارض دون علم بمعارضة ، وكان ذلك سبب افتتان قومه بصنع صنم يعبدونه .
وليس في كتاب التّوراة ما يشير إلى أكثر من صنع بني إسرائيل العجل من ذهب اتخذوه إلهاً في مدّة مغيب موسى ، وأن سبب ذلك استبطاؤهم رجوع موسى { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } [ طه : 91 ].