تفسير القرطبي - Al-Qortoby   سورة  العاديات الأية 1


سورة Sura   العاديات   Al-Aadiyaat
جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)
الزلزلة Az-Zalzala
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
العاديات Al-Aadiyaat
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) ۞ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
الصفحة Page 599
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)

سورة العاديات

وهي إحدى عشرة آية

وهي مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء .

ومدنية في قول ابن عباس وأنس ومالك وقتادة .

والعاديات ضبحا

قوله تعالى : والعاديات ضبحا أي الأفراس تعدو . كذا قال عامة المفسرين وأهل اللغة ; أي تعدو في سبيل الله فتضبح . قال قتادة : تضبح إذا عدت ; أي تحمحم . وقال الفراء : الضبح : صوت أنفاس الخيل إذا عدون . ابن عباس : ليس شيء من الدواب يضبح غير الفرس والكلب والثعلب . وقيل : كانت تكعم لئلا تصهل ، فيعلم العدو بهم فكانت تتنفس في هذه الحال بقوة .

قال ابن العربي : أقسم الله بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقال : يس والقرآن الحكيم ، وأقسم بحياته فقال : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ، وأقسم بخيله وصهيلها وغبارها ، وقدح حوافرها النار من الحجر ، فقال : والعاديات ضبحا . . . الآيات الخمس . وقال أهل اللغة :

وطعنة ذات رشاش واهيه طعنتها عند صدور العاديه

يعني الخيل . وقال آخر :

والعاديات أسابي الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب

يعني الخيل . وقال عنترة :

والخيل تعلم حين تض بح في حياض الموت ضبحا

وقال آخر :

لست بالتبع اليماني إن لم تضبح الخيل في سواد العراق

وقال أهل اللغة : وأصل الضبح والضباح للثعالب ; فاستعير للخيل . وهو من قول العرب : ضبحته النار : إذا غيرت لونه ولم تبالغ فيه . وقال الشاعر :

فلما أن تلهوجنا شواء به اللهبان مقهورا ضبيحا

وانضبح لونه : إذا تغير إلى السواد قليلا . وقال :

علقتها قبل انضباح لوني وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيرت حالها من فزع وتعب أو طمع . ونصب ضبحا على المصدر ; أي والعاديات تضبح ضبحا . والضبح أيضا الرماد . وقال البصريون : ضبحا نصب على الحال . وقيل : مصدر في موضع الحال . قال أبو عبيدة : ضبحت الخيل ضبحا مثل ضبعت ; وهو السير . وقال أبو عبيدة : الضبح والضبع : بمعنى العدو والسير . وكذا قال المبرد : الضبح مد أضباعها في السير .

وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية إلى أناس من بني كنانة ، فأبطأ عليه خبرها ، وكان استعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري ، وكان أحد النقباء ; فقال المنافقون : إنهم قتلوا ; فنزلت هذه السورة إخبارا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بسلامتها ، وبشارة له بإغارتها على القوم الذين بعث إليهم . وممن قال : إن المراد بالعاديات الخيل ،ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد . والمراد الخيل التي يغزو عليها المؤمنون . وفي الخبر : " من لم يعرف حرمة فرس الغازي ، ففيه شعبة من النفاق " . وقول ثان : أنها الإبل ; قال مسلم : نازعت فيها عكرمة فقال عكرمة : قال ابن عباس هي الخيل . وقلت : قال علي هي الإبل في الحج ، ومولاي أعلم من مولاك . وقال الشعبي : تمارى علي وابن عباس في العاديات ، فقال علي : هي الإبل تعدو في الحج . وقال ابن عباس : هي الخيل ; ألا تراه يقول : فأثرن به نقعا فهل تثير إلا بحوافرها ! وهل تضبح الإبل ! فقال علي : ليس كما قلت ، لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلا فرس أبلق للمقداد ، وفرس لمرثد بن أبي مرثد ; ثم قال له علي : أتفتي الناس بما لا تعلم ! والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام وما معنا إلا فرسان : فرس للمقداد ، وفرس للزبير ; فكيف تكون العاديات ضبحا ! إنما العاديات الإبل من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى عرفة . قال ابن عباس : فرجعت إلى قول علي ، وبه قال ابن مسعود وعبيد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي . ومنه قول صفية بنت عبد المطلب :

فلا والعاديات غداة جمع

بأيديها إذا سطع الغبار

يعني الإبل . وسميت العاديات لاشتقاقها من العدو ، وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي . وقال آخر :

رأى صاحبي في العاديات نجيبة وأمثالها في الواضعات القوامس

ومن قال هي الإبل فقوله ضبحا بمعنى ضبعا ; فالحاء عنده مبدلة من العين ; لأنه يقال : ضبعت الإبل وهو أن تمد أعناقها في السير . وقال المبرد : الضبع مد أضباعها في السير . والضبح أكثرها ما يستعمل في الخيل . والضبع في الإبل . وقد تبدل الحاء من العين . أبو صالح : الضبح من الخيل : الحمحمة ، ومن الإبل التنفس . وقال عطاء : ليس شيء من الدواب يضبح إلا الفرس والثعلب والكلب ; وروي عن ابن عباس . وقد تقدم عن أهل اللغة أن العرب تقول : ضبح الثعلب ; وضبح في غير ذلك أيضا . قال توبة :

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي ودوني تربة وصفائح

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر ضابح

زقا الصدى يزقو زقاء : أي صاح . وكل زاق صائح . والزقية : الصيحة .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022