قوله تعالى : واجعل لي لسان صدق في الآخرين قال ابن عباس : هو اجتماع الأمم عليه . وقال مجاهد : هو الثناء الحسن . قال ابن عطية : هو الثناء وخلد المكانة بإجماع المفسرين ; وكذلك أجاب الله دعوته ، وكل أمة تتمسك به وتعظمه ، وهو على الحنيفية التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم . وقال مكي : وقيل معناه سؤاله أن يكون من ذريته في آخر الزمان من يقوم بالحق ; فأجيبت الدعوة في محمد صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عطية : وهذا معنى حسن إلا أن لفظ الآية لا يعطيه إلا بتحكم على اللفظ . وقال القشيري : أراد الدعاء الحسن إلى قيام الساعة ; فإن زيادة الثواب مطلوبة في حق كل أحد .
قلت : وقد فعل الله ذلك إذ ليس أحد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو يصلي على إبراهيم وخاصة في الصلوات ، وعلى المنابر التي هي أفضل الحالات وأفضل الدرجات . والصلاة دعاء بالرحمة . والمراد ب " اللسان " القول ، وأصله جارحة الكلام . قال القتبي : وموضع اللسان موضع القول على الاستعارة ، وقد تكني العرب بها عن الكلمة . قال الأعشى :
إني أتتني لسان لا أسر بها من علو لا عجب منها ولا سخر
قال الجوهري : يروى من علو بضم الواو وفتحها وكسرها . أي أتاني خبر من أعلى ، والتأنيث للكلمة . وكان قد أتاه خبر مقتل أخيه المنتشر . روى أشهب عن مالك قال قال الله عز وجل : واجعل لي لسان صدق في الآخرين لا بأس أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحا ويرى في عمل الصالحين ، إذا قصد به وجه الله تعالى ; وقد قال الله تعالى : وألقيت عليك محبة مني وقال : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا أي حبا في قلوب عباده وثناء حسنا ، فنبه تعالى بقوله : واجعل لي لسان صدق في الآخرين على استحباب اكتساب ما يورث الذكر الجميل . الليث بن سليمان : إذ هي الحياة الثانية . قيل :
قد مات قوم وهم في الناس أحياء
قال ابن العربي : قال المحققون من شيوخ الزهد : في هذا دليل على الترغيب في العمل الصالح الذي يكسب الثناء الحسن ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث الحديث . وفي رواية إنه كذلك في الغرس والزرع وكذلك فيمن مات مرابطا يكتب له عمله إلى يوم القيامة . وقد بيناه في آخر " آل عمران " والحمد لله .